المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[أبنية الفعل الأصول]

صفحة 23 - الجزء 1

  معرفة أوزان جميع الكلمات، فقيل: ضَرَبَ على وزن: فَعَلَ، وكذا: نَصَر، وخَرَج، أي: على صفة يتصف⁣(⁣١) بها فَعَل، وليس قولك: فَعَل⁣(⁣٢) هي الهيئة المشتركة بين هذه الكلمات؛ لأنا نعرف ضرورة أن نفس الفاء والعين واللام غير موجودة في شيء من الكلمات المذكورة؛ فكيف تكون الكلمات مشتركة في فَعَل؟ بل هذا اللفظ موضوع ليكون محلاً للهيئة المشتركة فقط.

  وأما تلك الكلمات فليست موضوعة لتلك الهيئة، بل هي موضوعة لمعانيها المعلومة، فلا جرم⁣(⁣٣) لما كان المراد من صوغ فَعَل الموزون به مجرد الوزن سمي وزناً⁣(⁣٤) وزِنةً، لا أنه في الحقيقة وزن⁣(⁣٥) وزنة.

  وإنما اختير لفظ (فَعَل) لهذا الغرض من بين سائر الألفاظ لأنهم قصدوا أن يكون ما تشترك الأفعال - التي هي الأصل في التغيير - في هيئته اللفظية مما تشترك أيضاً في معناه⁣(⁣٦).

  بيان ذلك⁣(⁣٧) أن الغرض الأهم من وزن الكلمة معرفة حروفها الأصول، وما زيد⁣(⁣٨) فيها من الحروف، وما طرأ عليها من تغييرات حروفها بالحركة والسكون، ونحو ذلك، والمطرد في هذا المعنى الفعل والأسماء المتصلة بالأفعال


(١) كون أوله وثانيه متحركان.

(٢) يعني أن ثمة تسامحاً في قولهم: إن فعل مشترك بين الأفعال التي تأتي على وزنه، وإنما المشترك هيئته التي هو عليها، لا لفظة الفاء والعين واللام. تمت. والله أعلم وأحكم.

(٣) قال الفراء: كلمة كانت تستعمل في الأصل بمعنى: لا بد ولا محالة، فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم وصارت بمعنى: حقاً، فلذلك يجاب باللام كما يجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون: لا جرم لآتينك. تمت. صحاح.

(٤) مجازاً من تسمية المحل باسم الحال. تمت.

(٥) بل الوزن والزنة ما وضع له من الهيئة المشتركة.

(٦) وهو أن كل حدث فعل.

(٧) أي: كون الأفعال أصلاً في التغيير، وأنها تشترك في معنى: ف ع ل. تمت. منه

(٨) باختصار فإذا قيل مثلاً وزن مستخرج مستفعل كان أخصر من أن يقال: الميم والسين والتاء زوائد، وإذا قيل إن وزن أادر أعفل علم أ ن العين متقدمة على الفاء. تمت. وسبحان الله العظيم.