[تقسيم الحروف المتقاربة باعتبار الصفات]
  (واللينة) أي: ومنها الحروف اللينة (والمنحرف، والمكرر، والهاوي، والمهتوت) هذا حصرها على سبيل الإجمال.
  ثم شرع في تفصيلها على الترتيب فقال: (فالمجهورة) سميت الحروف التي يذكرها مجهورة لأن الجهر رفع الصوت، وكل واحد منها(١) إنما يحصل من إشباع الاعتماد في موضعه، ومن ذلك يحصل ارتفاع الصوت، كما أنه من ضعف الاعتماد يحصل الهمس الذي هو إخفاء الصوت، فلا بد في بيانها وإخراجها من جهرٍ مَّا، ولا يتهيأ النطق بها إلا كذلك، كالقاف والعين، بخلاف الكاف مثلاً فإنه يتهيأ لك أن تنطق به ويسمع منك خفياً، كما يمكنك أن تجهر به.
  وحقيقة المجهورة: (ما ينحصر) أي: حرف يحتبس (جُرِي النفس مع تحركه) أي: عدم الوقف عليه، فلا يخرج الألف(٢)؛ وذلك لأن النفَس الخارج من الصدر - وهو مركب الصوت - يحتبس إذا اشتد اعتماد الناطق على مخرج الحرف؛ إذ شدة الاعتماد على موضع من الحلق أو الفم يحبس النّفَس وإن لم يكن هناك صوت، وإنما يجري النفس إذا ضعف الاعتماد. وإنما اشتُرِط التحرك لما سيأتي.
  (وهي) أي: المجهورة (ما عدا حروف: ستشحثك(٣) خصفه) بالهاء في خصفة للوقف. ومعنى الكلام: ستشحذ عليك، أي: تتكدى عليك، والشحاذ والشحاث: المتكدِّي، وخصفة: اسم امرأة. ويجمع الذي عداها من الحروف قولك: ظِلُّ قَوٍّ رَبَضٌ إذ غزا جند مطيع(٤).
  (والمهموسة بخلافها) أي: ما لا ينحصر جري النفس مع تحركه، فإن جوهرها لضعف الاعتماد على مخرجها لا يحبس النفَس، فيخرج النفَس ويجري.
(١) أي: من المجهورة.
(٢) يعني فإنها إذا اتصلت بحرف بعدها نحو: قاما انحصر جري النفس عليه. منه.
(٣) الشحث: الإلحاح في المسألة. جاربردي. وخصفة: اسم امرأة. جاربردي.
(٤) قو - بفتح القاف وتشديد الواو -: اسم موضع. وربض المدينة: ما حولها، وربض الغنم: مأواها. زكريا