[بيان إدغام المتقاربة بعضها في بعض]
  والشين. وإنما أدغمت في هذه الحروف وجوباً لكثرة اللام المعرفة في الكلام، وكثرة موافقتها لهذه الحروف؛ لأن جميع هذه الحروف من طرف اللسان كاللام إلا الضاد والشين، وهما يخالطان حروف طرف اللسان أيضاً، أما الضاد فلأنها استطالت لرخاوتها حتى اتصلت بمخرج اللام، وكذا الشين حتى اتصلت بمخرج الطاء.
  (و) أما اللام الساكنة (غير المعرِّفة) فإدغامها (لازم في) الراء (نحو: بل رّان) وهل رأيت؛ لقرب مخرجيهما، (وجائز في البواقي) من الثلاثة عشر؛ لما تقدم، وإن لم يكن قربها من اللام قرب الراء منها، هذا كلامه.
  وقال الرضي: «إذا كانت اللام الساكنة غير المعرفة نحو لام: هل، وبل، وقُلْ، فالإدغام مع الراء أحسن من الإظهار؛ وذلك لقرب مخرجيهما، ويليه في الحسن تركه؛ وذلك أن لا يدغم نحو: هل رأيت. قال سيبويه في ترك الإدغام: هو لغة أهل الحجاز، وهي عربية جائزة. ففي قول المصنف: «لازمٌ في نحو: بل رّان» نظرٌ؛ بلى لزم ذلك في لام هل وبل وقل خاصة مع الراء في القرآن، والقراءة أثَرٌ يُتَّبع».
  (والنون الساكنة) لها خمسة أحوال(١): الأول والثاني: أنها (تدغم وجوباً في حروف: يرملون) لشدة قربها منها في المخرج أو في الصفة كما سيتضح، وإدغامها فيما عدا الميم والنون منها بغنة وبغير غنة، هذان حالان.
  (و) لكن (الأفصح إبقاء غنتها في الواو والياء) لأن مقاربة النون إياهما بالصفة(٢)؛ لأنها معهما من المجهورة ومما بين الشديدة والرخوة، فلذلك وجب الإدغام، ولكن لما لم يقارباها في المخرج لم يغتفر ذهاب فضيلتها - أي: الغنة - رأساً لمثل هذا القرب، فيبقى شيءٌ من الغنة(٣).
(١) قال ركن الدين: أحدها: وجوب إدغامها في حروف يرملون مع بقاء الغنة. والثاني: وجوب إدغامها فيها مع ذهاب الغنة، إلى آخر ما ذكره الشيخ.
(٢) بالصفة خبر أنَّ. لا بالمخرج. رضي
(٣) لكن دون التي مع النون والميم.