[بيان إدغام المتقاربة بعضها في بعض]
  (و) الأفصح (إذهابها) أي: الغنة إذا أدغمت (في اللام والراء) لأن النون تقاربهما في المخرج، وفي الصفة أيضاً؛ لأن الثلاثة مجهورة وبين الشديدة والرخوة، فاغتفر ذهاب الغنة مع كونها فضيلة للنون للقرب في المخرج وفي الصفة. وبعض(١) العرب يترك الغنة مع الواو والياء اكتفاءً بالتقارب في الصفة، وبعضهم يدغمها في اللام والراء مع الغنة ضناً بفضيلة النون.
  والحال الثالث: أنها (تقلب ميماً قبل الباء) نحو: عنبر؛ لما تقدم في الإبدال.
  (و) الحال الرابع: أنها (تخفى مع غير حروف الحلق) بأن تخرج من الخيشوم فقط؛ لأن هناك داعيين إلى إخفائها: أحدهما: سكونها؛ لأن الاعتماد على الحرف الساكن أقل من الاعتماد على المتحرك. والآخر: كون الحرف الذي يليها مما لا يحتاج لإخراجه إلى فضل اعتماد كحرف الحلق، فيجري الاعتمادان على نسق واحد، فأخفيت النون قبل غير حروف الحلق.
  الحال الخامس: أنها تظهر وجوباً مع حروف الحلق كما يفهم من قوله: «مع غير حروف الحلق»، نحو: مَنْ خلق؛ وذلك لأن النون لها مخرجان: أحدهما: في الفم كما تقدم، والآخر في الخيشوم؛ إذ لا بد فيها من الغنة، وإذا أردت إخراجها في حالة واحدة من المخرجين فلا بد فيها من اعتماد قوي وعلاج شديد؛ إذ الاعتمادان على المخرجين في حالة واحدة أقوى من الاعتماد على مخرج واحد، فلا تخفى؛ لأن حروف الحلق تحتاج إلى فضل اعتماد، فتجرى النون على أصلها من فضل الاعتماد ليجري الاعتمادان على نسق واحد، فظهر معنى قول المصنف: (فيكون لها) أي: للنون الساكنة (خمسة أحوال).
  (و) أما النون (المتحركة) فإنها (تدغم جوازاً) يعني في حروف: يرملون، بعد إسكانها، قال سيبويه: لم نسمعهم يسكنون النون المتحركة مع الحروف التي
(١) هذا مقابل لقوله: «والأفصح إبقاء غنتها مع الواو والياء».