المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[1 - ما خولف فيه أصل الكتابة بالوصل]

صفحة 226 - الجزء 2

[ما خولف فيه أصل الكتابة]

[١ - ما خولف فيه أصل الكتابة بالوصل]

  ولما فرغ من الذي لا صورة له تخصه شرع فيما خولف فيه أصل الكتابة، وقدم منه الوصل لأن اللفظ فيه باق على حاله لم يتغير بزيادة ولا نقص ولا إبدال حرف [علة] فيه فقال:

  (وأما الوصل) أي: وصل لفظٍ بلفظ في الكتابة (فإنهم وصلوا الحروف وشبهها) أي: الأسماء التي فيها معنى الشرط والاستفهام (بما الحرفية) كان ينبغي أن يقول: بما الحرفية غير المصدرية؛ لأن «ما» المصدرية حرفية عند الأكثر ومع هذا تكتب منفصلة، نحو: إنَّ ما صنعت عجيب، أي: صنعك. وإنما وصلوها بما الكافة في (نحو: إنما إلهكم الله) إذ كفت إنَّ عن العمل، (و) الزائدة في نحو: (أينما تكن أكن، و) الكافة أيضاً في نحو: (كلما أتيتني أكرمتك) إذ كفت «كل» عن اقتضاء المضاف إليه، وخصت الكافة لتأثيرها فيما اتصلت بآخره بكفها له، والزائدة لكونها كالمعدومة من جهة المعنى فخففت بوصلها خطاً مع أن كل واحد منهما غير مستقل، (بخلاف) الحروف وشبهها إذا وليتها الاسمية نحو: (إن ما عندي حسن، وأين ما وعدتني، وكل ما عندي حسن) وهي في الأولين موصولة، وفي الثالث تحتمل الموصولة والموصوفة - فإنها لا توصل الحروف وشبهها بها؛ لعدم تأثير ما الاسمية فيها، وأيضاً هي - أي: الاسمية - مستقلة.

  (وكذلك) وصلوا «من وعن» بـ «ما» المذكورة⁣(⁣١) ولم يصلوها بالاسمية، فصار (من ما، وعن ما في الوجهين) أعني الوصل وعدمه مثل: «إن» و «أين» و «كل» مع «ما»؛ فإن كان «ما» حرفاً نحو: عما قليلٍ {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ}⁣[نوح ٢٤]


(١) أي: الحرفية.