المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[معاني الأفعال الأصول والمزيدة التي زيادتها مطردة لمعنى]

صفحة 61 - الجزء 1

  غالبني في الضرب فغلبته فيه، فباب المغالبة مختص بفَعَل يفْعُل؛ فأشار المصنف إلى ذلك فقال:

  (وباب المغالبة يُبْنى) كثيراً وإن لم يكن قياساً (على فَعَلته أفعُله) بالضم، فإن لم يكن من باب فَعَل يفعُل - بالضم - نقلته إليه (نحو: كارمني) زيدٌ (فكرَمْتُه) أي: غلبته في الكرم (أكرُمُه) أي: أغلبه، فإنه من باب فَعُل يفْعُل فنقلته إلى فَعَل، وكذا إن كان من فَعَل الذي ليس مضارعه يفعُل نحو: غالبني فغلَبْتُه أغْلُبُه، وإن كان من باب فَعَل يفعُل نحو: قتل يقتل كان المميز بين المعنيين هو القرائن⁣(⁣١).

  ولا يستثنى من القاعدة المذكورة - أعني ضم عين المضارع - (إلا) مضارع (باب وعَدتُ) أي: المثال واوياً كوعدت، أو يائياً كيسرت، (و) باب (بعت) أي: الأجوف بالياء (و) باب (رميت) أي: المنقوص بالياء (فإنه) أي: مضارع باب كل من المذكورة (أفْعِلُه بالكسر) كما كان عليه في غير المغالبة، نحو: واعدني فوعدته أعِدُه، وياسرني فيَسَرْتُه أيسِرُه، وبايعني فبِعتُه أبْيِعُه، وراماني فرميته أرْمِيْه، لأن هذه الأنواع مضارعها من فَعَل يَفْعِل مكسور العين قياساً لا ينكسر، فكرهوا مخالفة قاعدتها المطردة؛ والمميز بين معنى المغالبة وغيرها القرائن، وعلى المغالبة حمل الجوهري قول جرير:

  الشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجومَ الليل والقمرا⁣(⁣٢)

  أي: أن الشمس تغلب نجوم الليل والقمر في البكاء.

  (وعن الكسائي) أنه استثنى ما عينه أو لامه حرف حلق فيقول: إن


(١) وهو تقدم قاتلني ونحوه.

(٢) استشهد به على أن تبكي للمغالبة، ونجوم الليل مفعوله، وهي مغلوبة بالبكاء، وقيل: النجوم مفعولة لكاسفة، وقيل: مفعول معه بتقدير الواو التي بمعنى مع، أي: ليست الشمس تكسف ضوء النجوم مع طلوعها لقلة ضوئها وبكائها عليك. ويروى: الشمس كاسفة ليست بطالعة، وجملة تبكي خبر بعد خبر.