الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم،

عبد الله بن الحسين الرسي (المتوفى: 300 هـ)

[قتل النفس]

صفحة 139 - الجزء 2

  أن جماعة ممن كانوا أسلموا ارتدوا ورجعوا إلى مكة منهم: طعمة بن أشرف⁣(⁣١) والحارث بن سويد بن الصامت⁣(⁣٢)، ثم ندم الحارث فكتب إلى أخيه وكان مع النبي ÷ الجلاس بن سويد إني قد ندمت وأني أشهد أن لا إله إلى الله وأن محمد رسول الله، فاسأل النبي ÷ هل لي توبة؟ وإلاّ ذهبت في الأرض، فنزلت: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا ...} الآية [آل عمران: ٨٦](⁣٣) [٣٤ أ - أ]؛ فكتب إليه أخوه أنه لا توبة لك عند رسول الله ÷، فتب إلى الله حتى يجعل لك مخرجاً، فأنزل الله تعالى بعد ذلك: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ...} الآية [آل عمران: ٨٩]؛ فكتب إليه أخوه: إن الله قد أنزل توبتك فأقبل إلى رسول الله ÷ واعتذر إليه، وتب إلى الله مما صنعته ففعل، وقبل منه [٩٢ ب - ب] رسول الله ÷ فسمع ذلك الذين كانوا ارتدوا معه، فقالوا: ما نحن إلاَّ كالحارث نقيم بمكة ونتربص بمحمد ريب المنون، فإن بدا لنا رجعنا إليه فقبل منا كما قبل منه، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا ...} الآية [آل عمران: ٩٠]، فأقاموا على الكفر حتى فتح رسول الله ÷ مكة فجاءه من كان بقي منهم فأسلم فقبل منهم رسول الله ÷، وكان قد مات بعضهم فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ...} الآية [آل عمران: ٩١]، وتوبة القاتل


(١) طعمة بن أبيرق: هو أحد الرجال الاثني عشر الذين نزلت فيهم الآية: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا} والذين ارتدوا عن الإسلام وخرجوا من المدينة وأتوا مكة كفاراً منهم الحارث بن سويد الآتي ذكره، وهذا وحجوج بن الأسلت، وهو طعمة بن أبيرق بن عمير وقيل: ابن عمر بن حارثة بن ظفر بن الخزرج بن عمرو. وقيل: أبو طعمة بشير بن أبيرق الأنصاري. وطعمة متكلم في إيمانه.

أسد الغابة (٣/ ٥٢)، الإصابة (٢/ ٢٢٤) ترجمة رقم (٤٢٤٥).

(٢) هو أخو الجلاس أحد بني عمرو بن عوف، ذكر أنه ارتد عن الإسلام. انظر: أسد الغابة (١/ ٣٣٢، ٢٩٢).

(٣) أخرجه الطبري في الكبير رقم (٧٣٤٨)، والنسائي في المجتبى كتاب تحريم الدم تحت رقم (٤٠٦٨)، وأحمد في مسنده (١/ ٢٤٧)، والطبري في تفسيره (٣/ ٣٣٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره (رقم ٩١٤، ٩٢٤ - آل عمران)، وابن حبان في صحيحه رقم (١٧٢٨ فوارد)، (٦/ ٣٢٤ الإحسان)، والحاكم في المستدرك (٢/ ١٤٢)، (٤/ ٣٦٦)، والبيهقي في السنن (٨/ ١٩٧)، والواحدي في أسباب النزول ص (٨٤)، والنسائي في تفسيره (١/ ٣٠٨).