[توبة القاتل]
  قال عبد الله بن الحسين ª: ولا أعلم بين الناس اختلافاً في قبول التوبة من جميع من تاب إلاَّ ما تكلم به من ذكرنا في القاتل وحده، فإنهم زعموا أنه لا توبة له فأمّا ماسوى القتل [٣٥ أ - أ] فقد أجمعوا على قبول التوبة فيه، وفي ناسخ ذلك [١٦ أ - جـ] ومنسوخه قال الله ø: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[النساء: ١٨] فشق ذلك على المسلمين وتشاكوا ذلك، فأنزل الله ø: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨] فنسخت هذه الآية التشديد الذي كان قبلها، ولا أعلم بين الناس اختلافاً في أن هذه الآية ناسخة لما قبلها، والتوبة عندنا مقبولة ممن تاب من جميع الذنوب، وأخلص لله تعالى ما لم يقع في [٩٣ ب - ب] السياق، وقد ذُكر ذلك عن النبي ÷ وأجمعوا في ذلك عنه أنه قال: [٦٦/ ٢] (من تاب قبل أن يغرغر بنفسه تاب الله عليه)(١) حدثني من أثق به يرفعه(٢) إلى النبي ÷ أنه قال: [٦٦/ ٢] «من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه، والسنة كثيرة، ومن تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه والشهر كثير، ومن تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه والجمعة كثير، ومن تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه واليوم كثير، ومن تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه والساعة كثير، ومن مات قبل أن يغرغر بنفسه تاب الله عليه»(٣) وهذا مما لا أعلم فيه اختلافاً. ختم الله لنا بخير.
(١) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير (٢/ ٥٨٧) رقم (٨٥٧١)، وأحمد في المسند (٥/ ٣٦٢).
(٢) الحديث المرفوع هو كل ما نسب إلى النبي ÷ خاصة من فعل أو قول أو تقرير أو صفة.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٢٠٦)، والطبراني في الكبير بلفظ قريب (١٢/ ١٣٦٠٩)، والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال (٢/ ٢٥٥) وعزاه للخطيب، وانظر نفس المصدر (٢/ ٢٤٧ - ٢٦٦)، واحتج به هبة الله في الناسخ والمنسوخ ص (١٠٥ - ١٠٦)، وانظر: مسند أحمد (٥/ ٣٦٢)، (٢/ ٢٠٦، ٤٩٥، ٤٢٧، ٥٠٧، ٢٧٥، ٣٩٥).