مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم صرف الزكاة إلى الفقراء من العوام الجاهلين بأصول الدين]

صفحة 145 - الجزء 1

  وتعليمه بما يحتمله عقله ويفهمه من لغته؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ...}⁣[البقرة: ١٥٩] الآية، وأقرب ما يكون في ذلك وأوضحه أن يأتي له بدليل القياس، فيقول: لو كان الله يشبه شيئاً من خلقه جسماً أو عرضاً لوجب أن يكون مخلوقاً مثله لعدم الفرق؛ لأن العقل يقضي بالتماثل⁣(⁣١) في المتماثلات، والتخالف في المتخالفات ضرورة، ألا ترى أنك لو رأيت بناء قديماً ولم يخبرك مخبر بأن له بانٍ⁣(⁣٢) أنك تعلم أنه محدث! وأن له بانياً قياساً على ما قد عرفت حدوثه من المبنيات بالمشاهدة! وكذلك سائر الأشياء، والله سبحانه قد احتج بالقياس على أهل العقول في مواضع كثيرة من كتابه العزيز قال تعالى: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٥ ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}⁣[الحج: ٥ - ٦]، فقاس الله سبحانه لعباده إحياءه الموتى وخلقه لكل شيء حيث قال: {وَأَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: بما عرف حدوثه ضرورة بما ذكره في هذه الآية وما قبلها من خلق الإنسان، وقال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ٧٨ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}⁣[يس: ٧٨ - ٧٩]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذكَّرُونَ}⁣[الواقعة: ٦٢]، وقال الله سبحانه⁣(⁣٣): {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}⁣[الإسراء: ٥١] فقاس لهم⁣(⁣٤) سبحانه النشأة الأخرى بالأولى ونحو ذلك في كتاب الله العزيز كثير⁣(⁣٥)، وقد قال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا


(١) في (أ): بالتماثيل.

(٢) في (ب): بأنه بناه بانٍ.

(٣) في (ب): وقال تعالى.

(٤) لهم: سقط من (أ).

(٥) في (ب): في الكتاب العزيز، وكلمة كثير: سقط من (أ).