مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[العلماء الذين تحل لهم الزكاة]

صفحة 146 - الجزء 1

  يَاأُولِي الأَبْصَارِ}⁣[الحشر: ٢] أي قيسوا، ولا يقال: إنه من العبرة الذي هو من⁣(⁣١) البكاء؛ لأن أحداً لم يقل بوجوب البكاء؛ ولئن سلم فحمله على البكاء دون القياس تحكم، وعدم العمل بأيهما إهمال لخطاب الحكيم، وإهمال خطاب الحكيم لا يسوغ لقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ...}⁣[طه: ١٢٤] الآية. ومن زعم أن له من بيان الحجة للسائلين وعلى المعاندين أبلغ مما أودع الله في كتابه فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه؛ لرده ما علم من الدين ضرورة، ولقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}⁣[الإسراء: ٩]، فإذا عرف الله بذلك عرفه بأنه يجب عليه سؤال أهل العلم في أمر ما يجب عليه لربه كله، فإذا قيل ذلك كان من المهتدين، وجازت له الزكاة إن كان فقيراً غير هاشمي.

[العلماء الذين تحل لهم الزكاة]

  فإن قيل: قد ذكرت فيما سبق في جواب هذه المسألة أن غير العلماء لا تصح لهم الزكاة، ومن كان كذلك فليس من العلماء.

  قلت وبالله التوفيق: ليس المراد بالعلماء في الآية هم الذين درسوا في⁣(⁣٢) العلم حتى رسخوا فيه فقط، بل المراد بها عموم من يعلم الله ويعلم حدوده، إما بالدرس وإما بالسؤال، بدليل أن الله سبحانه لم يحتم الدرس على جميع العباد وإنما جعله سبحانه من فروض الكفايات حيث


(١) من: سقط من (أ).

(٢) في: سقط من (ب).