[معنى السلام]
  وقال السائل: فإن خشي المؤمن أن يهتك عرضه حيث لم يبدأ بالسلام، أو لم يكن سلامه شافياً، أو حيث لم يحسن خلقه لا سيما إذا كان العاصي قد فعل للمؤمن معروفاً ولم يحسن خلقه إليه فهل يجوز لأجل شيء في ذلك؟
  والجواب والله الموفق: أن العاصي إذا لم يكن من الذين يرجى صلاحهم أو من الذين يحل(١) قتالهم لم يجب(٢) الابتداء بالسلام ولا رده لا شافياً ولا غير شافٍ، ولا تحسين الأخلاق إليهم لما تقدم مفصلاً، ولو كان المؤمن مع ذلك يخشى هتك عرضه؛ لأنه يجب على المؤمنين أن لا يخافون(٣) في الله لومة لائم، كما أخبر الله في كتابه، ولما روى المنصور بالله # في (الشافي) عن رسول الله ÷ أنه قال: «اجعل مالك دون دمك(٤) فإن تجاوزك(٥) البلاء فاجعل مالك ودمك دون دينك».
  قلت وبالله التوفيق: فإذا قد أمر النبي ÷ بأن يجعل المال والدم دون الدين فما ظنك ببذل العرض دون الدين! ولأن هتك العرض قد قابله ارتكاب المحرم فتأثير صيانة العرض على صيانة الدين مندرج تحت قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى ٣٧ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات: ٣٧ - ٣٩]، وكذلك إذا كان العاصي قد فعل للمؤمن معروفاً ولم(٦) يحسن خلقه إليه لا
(١) في (أ): أو يحل من الذين قتالهم، والعبارة فيها تقديم وتأخير، والصواب ما أثبته من (ب).
(٢) في (ب): لم يجز.
(٣) في (ب): أن لا يخافوا.
(٤) في (ب): دينك وهو تحريف.
(٥) في (ب): جاوزك.
(٦) في (ب): ولو.