[مسائل في تفسير بر الوالدين وعقوقهما]
  والجواب والله الموفق: أما تعظيمهما فوق تعظيم المؤمنين فإنه يجب ذلك فعلاً لا اعتقاداً إذا لم يبلغا ذلك في الواقع(١) وذلك بأن يجعل لهما(٢) مزية في التعظيم ويؤثرهما بتلك المزية على غيرهما؛ لأن الله قد أوجب شكرهما وعطفه على شكره تعالى، فقال تعالى(٣): {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[لقمان: ١٤]، ولم يشرك الله تعالى أحداً في شكرهما كما لم يشرك سبحانه أحداً في شكره، وما ذكرناه من جملة الشكر؛ لأنه في مقابلة تربيتهما قال تعالى: {وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًاً}[الإسراء: ٢٤]، وفي مقابلة حنوهما وشفقتهما ومحبة إيصال كل خير إليه، ولتحملهما أذاه من غير كراهة كما جميع ذلك معلوم من حالهما؛ ولقوله تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا على وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ...}[لقمان: ١٤] الآية، ولا مشارك لهما في ذلك.
  وروى الهادي # في (الأحكام) عن زيد بن علي # عن آبائه $ عن علي # قال: قال رسول الله ÷: «إن من تعظيم إجلال الله أن تجلَ الأبوين في طاعة الله»(٤) فجعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك من تعظيم إجلال الله تعالى؛ لأنه امتثال لأمره كما تقدم بيانه.
  وقال الهادي # في (الأحكام) أيضاً: وبلغنا عن النبي(٥) ÷ أنه قال: «النظر إلى بيت الله الحرام عبادة، والنظر في كتاب الله عبادة، والنظر في(٦) وجه الوالدين عبادة إعظاماً لهما وإجلالاً»(٧)، وعلى الجملة أنه لا(٨)
(١) في (ب): المواقع.
(٢) في (ب): يجعلهما.
(٣) تعالى: سقط من (أ).
(٤) الأحكام (٢/ ٥٢٧) كتاب الزهد والآداب. باب القول في بر الوالدين.
(٥) في (ب): عن رسول الله.
(٦) في (ب): إلى وجه.
(٧) الأحكام (٢/ ٥٢٧).
(٨) في (ب): لم.