مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم الهجرة من دار الكفر ودار الفسق]

صفحة 223 - الجزء 1

  من يعمل بالمعاصي فلا يغيروا عليه إلا أصابهم الله بعقاب»⁣(⁣١) ونحوه، ولا خلاف في ذلك بين أهل البيت $ إذا كان ثم إمام، وإن لم يكن ثم إمام فقالت الناصرية والمؤيد بالله # ومن وافقهم: لا تجب، وقالت القاسمية⁣(⁣٢): بل تجب، وهو الحق؛ لأن الأدلة لم⁣(⁣٣) تفصل.

  فإن قيل: إن جماعة من أهل البيت $ في مدة الدولتين الأموية والعباسية لم يهاجروا من ديارهم.

  قلت وبالله التوفيق: لا حجة في ذلك؛ لأنه ليس بإجماع منهم؛ لأن المشهور أن كثيراً من عيون أهل البيت $ كانوا خائفين ومشردين وذلك هجرة، وأيضاً فإنه قد روي عن محمد بن عبدالله النفس الزكية⁣(⁣٤) أنه أمر بالهجرة من ديارهم ولا إمام؛ لأنه كان قبل دعوته، وإن سلم فلعل الواقفين كانوا يقدرون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو كانوا في أماكن لا يظهر فيها من المناكير مثل ما يظهر في غيرها، والهجرة إلى مثل ما صفته كذلك من الأماكن تجب إذا تعذر وجود دار أحسن منها⁣(⁣٥) كما سأبينه


(١) أخرجه أبو طالب في أماليه بلفظ: «ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل المعاصي هم أعز منه وأمنع فلم يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب منه».

(٢) لمزيد من التفصيل انظر: كتاب (الهجرة والوصية) للإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم #.

(٣) لم: سقط من (ب).

(٤) هو الإمام المهدي أبو القاسم: محمد بن أبي الأئمة عبد الله الكامل بن الحسن بن الحسن السبط. أحد عظماء الإسلام ورواد الثورة ضد الظلم والطغيان، كان غزير العلم، واسع المعرفة، شجاعاً، سخياً، مولده ونشأته بالمدينة، بايعه جماعة من أهل بيته وبني العباس، ولما انقرضت دولة الأمويين نكث بنو العباس البيعة، قام بثورته الشهيرة في المدينة وقاتل قتال الأبطال حتى استشهد - سلام الله عليه - سنة ١٤٥ هـ. (أعلام المؤلفين الزيدية ص ٩١٨).

(٥) في (أ): منه.