مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[من يعذر عن الهجرة]

صفحة 227 - الجزء 1

  الذي لولاه لما انتصبت للظالمين راية ولا استمرت لهم دولة، وإنما السكون في الديار مع ذلك إيثاراً للحياة الدنيا على الآخرة، وقد قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}⁣[النازعات: ٣٧ - ٣٩].

[من يُعذر عن الهجرة]

  وقال السائل: يجب أن يعرف جميع ما يكون المكلف معذوراً⁣(⁣١) به عن الهجرة والوجه في الوجوب؟

  والجواب والله الموفق: أنه لايعذر عن الهجرة إلا من لا⁣(⁣٢) يستطيع حيلة ولا يهتدي إليها سبيلاً؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ٩٧ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ٩٨ فَأُوْلَئِكَ عَسَى الله أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ الله عَفُوًّا غَفُورًا}⁣[النساء: ٩٧ - ٩٩].

  وأما الوجه في الوجوب الذي ذكره السائل: فإن أراد وجه وجوب الهجرة فهو ما اقتضته هذه الآية الكريمة⁣(⁣٣) وما تقد م من الأدلة⁣(⁣٤)، وإن أراد وجه وجوب العذر أي وجه ثبوته فما اقتضاه⁣(⁣٥) الاستثناء في هذه الآية، وهو قوله تعالى: {إلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ...} الآية إلى آخرها.


(١) في (ب): يكون المكلف به معذوراً.

(٢) في (ب): لم.

(٣) الكريمة: سقط من (أ).

(٤) في (ب): من الدلالة.

(٥) في (ب): فما قضاه.