[الاختلاف في اشتراط الأدلة القطعية]
  واحتجوا على ذلك(١) وقوع التعبد بالمظنون وحسنه بوجوب دفع الضرر المظنون عقلاً، وبخبر عبد الرحمن(٢) في المجوس، وكتاب عمرو بن حزم(٣)، وبعثة السعاة من الرسول صلى الله عليه وآله، والعمال، وخبر حمل بن مالك(٤) في الجنين.
  قالوا: والكل آحاد لا يفيد إلا الظن.
  قالوا: وقد أطبق التابعون، وفقهاء الأمصار على قبول أخبار الآحاد.
  واحتجوا أيضاً بوجوب العمل بالشهادة، وهي لا تثمر إلا الظن.
  ومن الدليل على صحة القول الأول قوله تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ١٦٨ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا على الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[البقرة: ١٦٨ - ١٦٩]، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ...}، إلى قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا على الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٣٣]،
(١) ذلك: سقط من (أ).
(٢) هو عبد الرحمن بن عوف، وخبره في المجوس هو ما رواه العلامة أحمد بن يوسف زبارة | في أنوار التمام ٥/ ٤٦٤، وعزاه إلى الشفاء للأمير الحسين بن بدر الدين | قال: لما فتح عمر بلاد المجوس، قال: ما أصنع بقوم لا كتاب لهم، أنشد اللهم رجلاً سمع فيهم شيئاً من رسول الله ÷ إلا ذكره، فقال عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول الله ÷، يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم».
(٣) هو عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان الأنصاري، أبو الضحاك: وال، من الصحابة، شهد الخندق وما بعدها، توفي سنة ٥٣ هـ. (الأعلام ٥/ ٧٦).
(٤) هو حمل بن مالك بن النابغة الهذلي، وخبره في الجنين ذكره العلامة زبارة في المصدر السابق ٥/ ٢٢٣، وعزاه إلى شرح الأحكام للعلامة علي بن بلال |، بسنده عن أبي العباس الحسني | يبلغ به إلى ابن عباس، قال: قام عمر على المنبر، قال: أذكر الله امرأً سمع رسول الله ÷ كيف قضى في الجنين؟ فقام حمل بن مالك النابغة الهذلي، فقال: كنت بين جاريتين يعني ضرتين، فجرحت أو ضربت إحداهما الأخرى بعمود، فقتلتها وقتلت ما في بطنها، «فقضى رسول الله ÷ في الجنين بغرة عبد أو أمة» فقال عمر: الله أكبر لو لم أسمعه هذا قضيته بغيره. انتهى.