[قول الهادي # في الهجرة]
  (متى تكون الهجرة واجبة)
  قلت وبالله التوفيق: إن الهجرة لا تجب إلا عند إصرار الأكثر وتماديهم على ذلك لا إذا اعترفوا بكون ذلك باطلاً، ورجعوا إلى الله وتابوا، إذ لو حصل منهم لذبّوا عن دينهم، وكانت الهجرة حينئذٍ إليهم؛ لأن من المعلوم أنه لولا تقوية الأكثر للظالمين بما يسلمون إليهم من الأموال لما استقامت لهم دولة، وذلك بحمد الله واضح، وكذلك أنا نعلم لولا تخاذلهم لما استولى ظالم على قطر من أقطار المسلمين، لكنهم تخاذلوا ولم يعملوا بقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}.
  ولله در أمير المؤمنين # حيث قال في بعض خطبه: (أيها الناس، إنه لابد من رحى ضلالة تطحن ألا وإن لطحنها دوياً، ألا وإن على الله فلّها، ألا وإنه لا يزال البلاء بكم من بعدي حتى يكون المحب لي والمتبع لأثري(١) أذل بين أهل زمانه من فرج الأمة ولم ذلك؟ ذلك بما كسبت أيديكم، ورضاكم بالدنيّة في الدين، ولو أن أحدكم إذا ظهر الجور من أئمة الجور باع نفسه من ربه، وأخذ حظه من الجهاد لقام دين الله على قطبه ... ، الدنيا الفانية، ولرضيتم من ربكم فنصركم).
  قلت والله المستعان: إن الذين يقتدى بهم من أهل زماننا يقولون بنقيض ما قال أمير المؤمنين #، يقولون ما معناه: ادفعوا أيها الناس إلى الظالمين ما يتقوّون به على الجور، وأنتم من مكر الله آمنون، وبأهل رضاه لاحقون،
(١) في (أ): أثري.