[قول الهادي # في الهجرة]
  ولا تلتفتون إلى ما يقول هؤلاء الذين قد(١) اقتحمتهم العيون، وحقرتهم القلوب، وما عسى أن يكونوا قد بلغوا في العلم! ونحن أكثر منهم قدراً، وأقدم منهم عمرا، قد حفظنا الأقاويل، وأتقنّا التأويل، وأحسنَّا التعليل، فإنه لا يجب عليكم ترك تسليم الأموال(٢) إليهم فضلاً عن النكير عليهم إلا عند الأمان على الطارف والتلاد(٣)، وما افترقتموه في البلاد لتعودوا به على الأهل والأولاد، وتستعينوا به على مسألة الحاضر والباد.
  قلت وبالله التوفيق: كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى [حيث قال:](٤) {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[التغابن: ١٥] وحيث قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً}[الكهف: ٤٦] وحيث قال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ١٥ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[هود: ١٥ - ١٦] وحيث قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى ٣٧ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات: ٣٧ - ٣٩] وحيث قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ ...} إلى قوله: {الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: ٢٤] وحيث قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّ هُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ٥٥ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَ يَشْعُرُونَ}[المؤمنون: ٥٥ - ٥٦].
  وحيث قال: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ١٦ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى: ١٦ - ١٧]
(١) قد، سقط من (ب).
(٢) في (أ): المال.
(٣) الطارف من المال: الحديث منه، والتلاد: القديم منه.
(٤) ما بين المعكوفين: سقط من (ب).