الوصية السنية
  السماوات والأرض غيره خوفاً زائداً على خوف العبد الذي وصفه سبعين درجة.
  واعلم يابني أن ذلك صحيح؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون}[الأعراف: ٩٩].
  ولا تظن بأحدٍ من المؤمنين سوءاً؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً}[النور: ١٢] ويقول: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم}.
  وعليك بترك المرآء، وهو: كثرة المراجعة، فلا تفعل شيئاً من ذلك، لكن إذا عرضت مراجعة وقد عرفت الحق إن قبل وإلا سكت؛ لأن النبي ÷ يقول: «أنا زعيم لمن ترك المرآء ببيت في ربض الجنة، وإن كان محقاً»(١).
  وعن علي # أنه قال: (ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق).
  وقال #: (فمن جعل المرآء ديناً لم يصبح ليله والدين العادة)، ومعنى أنه لم يصبح ليله: أنه يبقى في الظلمات لا يهتدي إلى الحق.
  وقال # في وصيته لابنه الحسن: (فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا، وليكن طلبك بتفهم وتعلّم، لابتورط الشبهات، وعلم الخصومات ...) في كلام طويل إلى أن قال فيه: (وليس كل طالب للدين من خبط أو خلط، والإمساك عن ذلك أمثل).
  وقال بعض الشعراء في ذلك:
  إياك إياك المرآء فإنه ... إلى الشر دعّاء وللشر جالب
(١) الحديث أخرجه الإمام أبو طالب في أماليه، باب الترغيب في حسن الخلق ص ٤٤٩، وهو باختلاف بسيط في اللفظ.