مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[الاجتهاد المطلق]

صفحة 38 - الجزء 1

  بصدقه؛ فإنه لا يُقْبَلُ الاستدلال به في شيء من المسائل؛ لقوله ÷: «ألا وإنَّه سيكذب عليَّ ...» الخبر، والظن لا يغني من الحق شيئاً، كما أخبر الله تعالى في كتابه؛ ولأن الأخبار قد روي أكثرها بالمعنى وهو مما يقع فيه الغلط، ولأنه قد روي المنسوخ مع عدم التمييز بينه وبين ناسخه عند⁣(⁣١) كثير من الرواة، ولعدم التمييز بين روايات المؤمنين والمنافقين لعدم العلم بهم، كما قال تعالى: {مَرَدُوا على النّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ ...}⁣[التوبة: ١٠١] الآية، ولما روي عن علي # أنه قال: (وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس:

  رجل: منافق مظهر الإيمان متصنِّع بالإسلام لا يتأثَّم ولا يتحرَّج، يكذب على رسول الله ÷ متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كاذب، لم يقبلوا منه، ولم يصدِّقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله [صلى الله عليه وآله]⁣(⁣٢) رآه وسمع منه ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم لك، ثم بقوا بعده #، فتقربوا إلى أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولّوهم الأعمال، وجعلوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.

  ورجل: سمع من رسول الله ÷ شيئاً لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه ولم يتعمّد كذباً، فهو في يديه يرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله، فلو علم المسلمون أنه وَهِمَ فيه لم يقبلوه منه، ولو علم أنه كذلك لرفضه.

  ورجل ثالث: سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئاً يأمر به ثم


(١) في (أ): وعند.

(٢) ما بين المعكوفين: سقط من (ب).