مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[نتائج السكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

صفحة 92 - الجزء 1

  بجهله وعدم تمييزه؛ لأن الباطنية يقولون: قد صنع القدوة في الدين كما نصنع، وما ذاك إلا أنه⁣(⁣١) دين وقربة، فيجيبهم الجهَّال والعوام، ويتوصلون به إلى الفساد، وسلخ العوام عن الإسلام إلى الكفر، وإظهار مذاهبهم القبيحة من اللهو واللعب وغير ذلك، وكل طاعة تؤدي إلى مفسدة تنقلب قبيحة.

  ألا ترى أن عمارة المساجد من القرب المقرّبة إلى الله تعالى، وأن مسجد الضرار الذي حكاه الله سبحانه في كتابه لما كان اتخاذه ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارب الله كان معصية بنص الكتاب! وكذلك قول المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وآله: {رَاعِنَا}، أي: امهلنا لنتعرف ما تملي علينا من العلم، هو في الأصل قربة لما كان طلباً لسبب فهم العلم، فصار معصيةً لما كان ذريعة لليهود إلى سب رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك أن لفظ: (راعنا) كانت كلمة سب عند اليهود، فكانوا يسبونه بها جهاراً، فنهاهم الله عن ذلك، فأمرهم⁣(⁣٢) أن يقولوا بما يؤدي معناه، وهو قوله تعالى: {وَقُولُوا انظُرْنَا}⁣[البقرة: ١٠٤]، وكذلك لا شك أن سب الأصنام، ونحوها مما يدعى من دون الله حسن في العقل والشرع، وقد يصير واجباً إذا كان يؤدي إلى التنفير عنها من حيث أنه يكون من باب النهي عن المنكر، وقد يكون حراماً إذا كان يؤدي إلى منكر، كما قال تعالى: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا الله عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}⁣[الأنعام: ١٠٨]، يؤيد ذلك قوله تعالى: {أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}⁣[الزمر: ٣] [يعني]⁣(⁣٣) الخالص من كل شائبة للفساد ومن⁣(⁣٤) الرياء.


(١) في (ب): لأنه.

(٢) في (أ): وأمرهم.

(٣) يعني: زيادة في (أ).

(٤) من: زيادة في (ب).