مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم المعصية التي بصورة الطاعة]

صفحة 94 - الجزء 1

  الأصل من الطاعات إذا كانت يتوصل بها إلى الإطلاع على المحارم، فكيف لا يجب رفض ما يتوصل به إلى رفض الدين وارتكاب المحارم؟! وذكروا - رحمهم الله تعالى - أن العقل قاضٍ بأن لا مصلحة مع مفسدة مثلها.

[حكم المعصية التي بصورة الطاعة]

  فإن قيل: وكيف تكون المعصية بصورة الطاعة؟

  قلت وبالله التوفيق: ذلك غير عزيز إذ هو كما تقدم ذكره، وكصلاة المرائي وصيامه وحجه وسائر قربه؛ فإن صورتها صورة الطاعة وهي من الكبائر عند الله بالإجماع، وقد قال الله سبحانه في الذين يكون حالهم كهذا القدوة المتقدم ذكره: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}⁣[الأنعام: ١١٩]، وقال سبحانه: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ...}⁣[النحل: ٢٥] الآية، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}⁣[يس: ١٢]، أي والسنن الحسنة، والسيئة التي سنُّوها لمن يقتدي بهم، وقال النبي صلى الله عليه وآله: «من سنَّ سنة سيئة كان عليه وزرها، ومثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزار الناس شيئاً»⁣(⁣١)، أو كما قال.


(١) أخرجه من حديث الإمام أبو طالب في أماليه ص ٣٦٣ برقم (٤١٥) مع اختلاف بسيط في الألفاظ، والحديث في مصنف ابن أبي شيبة (٣: ١٠٩)، وهو كذلك بألفاظ مقاربة في مسند أحمد بن حنبل وفي السنن الكبرى للبيهقي ومجمع الزوائد وغيرها، انظرها في (موسوعة أطراف الحديث النبوي ٨/ ٣١٩).