[حكم الأموال المسلمة لدولة الجور والبغي]
  مقابلة واجب أو محظور.
  أما الواجب فنحو الكف عن ظلمهم، والتعدي عليهم.
  والمحظور نحو الإعانة على ما لا يحل والتقرب(١) إلى أئمة الضلال وأرباب الفساد، وما يسلم للدولة الجائرة من ذلك، فاندرج تحت عموم الخبرين ووجب وضعه في بيت المال.
  ومما يدل على ذلك قوله # يوم الجمل: (ولا تستحلوا مالاً إلا ما جباه القوم، أو وجدتموه في بيت مالهم)، فلو كان ذلك باقياً على ملك من سلّمه لما قال ذلك، مع أنه # كان يمكنه معرفة أربابه من أهل وطأتهم، فيقسمه بينهم على السوّية، ويبّين مدعي الزيادة، والفضل لا سيما في المثليات كالدراهم والدنانير، فلم يفعل ذلك وإنما أخذ ما وجد في بيت مالهم، فقسمه بين المجاهدين من أصحابه فأصاب كل رجل منهم خمسمائة خمسمائة.
  فإن قيل: إن بين الهدايا وبين ما يسلّم إلى سلاطين الجور من الأموال فرقاً؛ لأن الهدايا لم يتقدمها تخويف بخلاف ذلك فإنه لم يسلّم إلا بعد التخويف.
  وأما فعل علي #، فلعل المال سُلّم إلى أهل الجمل بالرضا والاختيار فهو مما أجلب به عليهم أو أن أربابه غير منحصرين، والمحصلون من أهل المذهب يقولون: إنما صار في أيدي الظلمة من الأموال لبيت المال لاستهلاكه بالخلط في القيمي والمختلف ولعدم(٢) انحصار أرباب المال في المثلي، وظاهر كلامهم التعميم.
(١) في (ب): أو التقرب.
(٢) في (أ): ولعلّ.