مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم الأموال المسلمة لدولة الجور والبغي]

صفحة 97 - الجزء 1

  قلت وبالله التوفيق: لا نسلم الفرق؛ لأن هدايا الأمراء كثيراً ما تكون بعد التخويف بلا شك، والأدلة لم تفصل؛ ولأن أرباب المال راضون ومختارون لتسليمه لأجل أن يسكنوا في بيوتهم ويتصرفوا في أملاكهم بدليل أنهم متمكنون من أن لا يفعلوا ذلك إما بالهجرة، أو⁣(⁣١) بالاجتماع على الذب عن أنفسهم وترك التخاذل، وأن لا يتعلقوا بشيء مما يطالبون بالمال من سببه، وقد ترى كثيراً من الناس يكون في بلدٍ غير بلده، ثم يقصر عنه نعمة من ربه، فيرجع إلى بلده مختاراً لتسليم المال إليهم⁣(⁣٢) من غير تخويف وصل إليه ولا ضرورة ألجته إلى ذلك إلا حب الديار، وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، فلا شك مع ذلك أنهم مجلبون به على أهل الحق وعلى الضعفاء والأرامل والمساكين، ومقوون به لأعضاد الظالمين؛ إذ هو عمود مملكتهم من حيث أنهم لا يتقوّون إلا به ويعسكرون به العساكر ويحصلون به العدد، ويحصّنون به الحصون إلى غير ذلك من أركان الملك، فإن كان فعل علي # لأجل رضا أرباب المال بتسليمه، فهذا منه.

  وأما دعوى عدم انحصار أربابه فغير مسلَّم؛ لأنه قد أمكن حصرهم في الديوان عند جباة الأموال وجمعها، فحصرهم بعد ذلك أسهل إذا رجعوا إلى الديوان المكتوب، وإن سلم عدم حصرهم على التنزل فما المانع من أن يطلب علي # من أمكن من أهل أوطانهم؟ ويقول من أعطاهم شيئاً من ماله وبيّن على كيفيته⁣(⁣٣) أعطيناه وهو يعلم أن الله يقول: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}⁣[البقرة: ١٨٨]، والنبي صلى الله عليه وآله يقول⁣(⁣٤):


(١) في (ب): وإما.

(٢) إليهم: سقط من (ب).

(٣) في (ب): كميته.

(٤) يقول: سقط من (أ).