باب الإعراب والبناء
  عملها أبداً هو الكسْرُ، ولا كَسْرَ في الفعل، وقولهم: اضْرِب الرَّجُلَ، وقُلِ الحَقَّ، فإِنَّما هذا لالتقاء الساكنين.
  فأما (كَمْ) فإنَّها اسم بدليل جواز دخول حروف الجر عليها، وتضمنها معنى ما يُخبرُ عنه، وبنيت لأنها تضمنت معنى همزة الاستفهام، وبنيت في الجر حملاً على نقيضتها(١) وهي (رُبَّ)، والشَّيْءُ [قَدْ](٢) يُحْمَلُ على نقيضه كما يُحْمَلُ على شبهه(٣) ونظيره. وبُنيت على الوقف، وهو الأصل في المبنيات.
  فأَمَّا (مَنْ) فهي اسم بجواز دخول حروف الجر عليها، نَحْو قولنا: بِمَنْ تَمُرُّ، وإلى مَنْ تَقْصد، وتضمنت معنى ما يُخْبَرُ عنه، نحو قولنا: مَنْ عِندَكَ؟ فتقول: زيد. فـ (زَيْدٌ)(٤) يُخْبَرُ عنه. ولها ثلاثة مواضع: الاستفهام، والخبر، والجزاء. وهي مَبْنِيَّةٌ في الاستفهام لتضمنها معنى همزة الاستفهام، وفي الشرط والجزاء لتضمنها معنى (إنْ) الشرطية، وفي الخبر؛ لأن معناها في صلتها كـ (الذي).
  وأما أفعال الأمر، نحو: (خُذ) و (كُل) / و (اضرب)، وأشباه ذلك. فجميعها مبني على الوقف، وبنيت؛ لأنها أفعال لم تُشابه الأسماء؛ لأنَّه ليس في أوائلها حروف المضارعة، وبنيت على الوقف؛ لأنَّ الوقف هو الأصل في البناء. وعند الكوفيين(٥) أنها معربة على تقدير محذوف، فتكون مجزومة، ويكون التقدير:
(١) في الأصل و (ع): (على نقيضها)، وهو تحريف والصواب ما أثبته.
(٢) تكملة من (ع).
(٣) في الأصل (ضده وهو وهم، والتصويب من (ع).
(٤) في الأصل: (وزيد)، وما أثبته من (ع).
(٥) هذه إحدى مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، انظر الإنصاف المسألة (٧٢): ٢/ ٥٢٤، والتبيين: المسألة (١٥) ص ٧٢.