باب العطف وهو النسق
باب العطف وهو النسق
  قالَ: «وحُروفُهُ عَشْرَةٌ وهي: (الواو) و (الفاء)، وَ (تُمْ) وَ (أَوْ) وَ (لا) وَ (بَلْ) وَ (لكن) الخفيفةُ، وَ (أَمْ)، وَ (إِمّا) مُكَسورةً [مُكَرَّرَةٌ](١) و (حتى) وقد مضى ذكرها. فهذه الحروف تجتمعُ كُلها في إدخال الثاني في إعراب الأول. ومعانيها مُخْتَلِفَةٌ: فمعنى الواو: الاجتماع(٢)، تقول: قام زيد وعمرو: أي: اجتمعَ لَهُما القيام، ولا تدري كيف حالهما فيه. ومعنى الفاء: التَّفَرُّقُ على مواصلة؛ أي: الثاني يتبَعُ الأَوَّلَ بلا مُهْلَةٍ، تقولُ: قَامَ زِيدٌ فَعَمرو؛ أي يليه لَمْ(٣) يتأخر عنه. ومعنى (ثُمَّ) المهلة والتراخي، تقولُ: قام زيد ثُمَّ عمرو؛ أي بينهما مهلة».
  اعلم أن الواو هي(٤) أقوى حروف العطف؛ ولهذه العلة بدأ بذكرها، وإنما قلنا ذلك؛ لأنَّها يُعطف بها في الإيجاب والجَحْدِ وفي كُلِّ نَوع من أنواع الفعل، تقول في الإيجاب: قام زيد وعمرو، وفي الجحد: ما قام زيد وعمرو، وتقول في الفعل: اخْتَصَمَ زيد وعمرو، ولا يجوز: اختصم زيد ثُمَّ عمرو، ولا: اختصم زيدٌ فَعَمرو. ومعناها الجمع بين الشيئين، وإدخال الثاني فيما دخل فيه الأول من غير تقديم الأول ولا تأخير الثاني، ولهذا قال (سيبويه)(٥): إِنَّ قولَهُمْ: مَرَرْتُ بِزَيْدِ
(١) تكملة من (ع) و (مل).
(٢) في (مل) زيادة: (ولا دلالة فيها على المبدوء به).
(٣) في (ع): (ولم) بزيادة الواو.
(٤) في الأصل (وهي) بإقحام الواو.
(٥) الكتاب: ١/ ٢١٨.