البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 295 - الجزء 1

باب العطف وهو النسق

  قالَ: «وحُروفُهُ عَشْرَةٌ وهي: (الواو) و (الفاء)، وَ (تُمْ) وَ (أَوْ) وَ (لا) وَ (بَلْ) وَ (لكن) الخفيفةُ، وَ (أَمْ)، وَ (إِمّا) مُكَسورةً [مُكَرَّرَةٌ]⁣(⁣١) و (حتى) وقد مضى ذكرها. فهذه الحروف تجتمعُ كُلها في إدخال الثاني في إعراب الأول. ومعانيها مُخْتَلِفَةٌ: فمعنى الواو: الاجتماع⁣(⁣٢)، تقول: قام زيد وعمرو: أي: اجتمعَ لَهُما القيام، ولا تدري كيف حالهما فيه. ومعنى الفاء: التَّفَرُّقُ على مواصلة؛ أي: الثاني يتبَعُ الأَوَّلَ بلا مُهْلَةٍ، تقولُ: قَامَ زِيدٌ فَعَمرو؛ أي يليه لَمْ⁣(⁣٣) يتأخر عنه. ومعنى (ثُمَّ) المهلة والتراخي، تقولُ: قام زيد ثُمَّ عمرو؛ أي بينهما مهلة».

  اعلم أن الواو هي⁣(⁣٤) أقوى حروف العطف؛ ولهذه العلة بدأ بذكرها، وإنما قلنا ذلك؛ لأنَّها يُعطف بها في الإيجاب والجَحْدِ وفي كُلِّ نَوع من أنواع الفعل، تقول في الإيجاب: قام زيد وعمرو، وفي الجحد: ما قام زيد وعمرو، وتقول في الفعل: اخْتَصَمَ زيد وعمرو، ولا يجوز: اختصم زيد ثُمَّ عمرو، ولا: اختصم زيدٌ فَعَمرو. ومعناها الجمع بين الشيئين، وإدخال الثاني فيما دخل فيه الأول من غير تقديم الأول ولا تأخير الثاني، ولهذا قال (سيبويه)⁣(⁣٥): إِنَّ قولَهُمْ: مَرَرْتُ بِزَيْدِ


(١) تكملة من (ع) و (مل).

(٢) في (مل) زيادة: (ولا دلالة فيها على المبدوء به).

(٣) في (ع): (ولم) بزيادة الواو.

(٤) في الأصل (وهي) بإقحام الواو.

(٥) الكتاب: ١/ ٢١٨.