البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب / حتى

صفحة 260 - الجزء 1

باب / حتى

  قال: «اعلم أنَّ (حَتَى) في الكلام على أربعة أضرب: تكون غايَةً فتجر الأسماء على معنى (إلى)، وتكون عاطفة كالواو، ويُبتدأ بعدها الكلام، وَتُضْمَرُ بعدها (أن) فتنصب الفعل المستقبل على أحد معنيين: معنى (كي) ومعنى (إلى أَنْ). تقول إذا كانت غايَةً: قامَ القَوْمُ حَتَّى زَيْد، ورَأَيْتُ القومَ حتى بكر، ومررتُ بالقومِ حتى جَعْفَرٍ».

  اعلم أنَّ (حتى) على ضُروب فأحَدٌ ضُروبها أن تكون حرف جر تجر ما بعدها بنفسها لا بإضمار حرف جر ولا بنيابة⁣(⁣١) عنه، هذا مذهب (سيبويه)⁣(⁣٢). وعند (الكسائي)⁣(⁣٣) أنَّها تجر بإضمار (إلى)، ويقولُ: إِنَّ قولَهُ تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ٥}⁣(⁣٤) إِنَّ التقدير: سلام هي إلى مطلع الفجر. وقال (الفَراءُ)⁣(⁣٥): هي نائِبَةٌ عن (إلى)؛ لأنَّها من عوامل الأفعال، تعمل في الفعل النصب، ولكن لا تختص بالفعل فلهذا أجاز أن تنوب عن (إلى). واعلم أنَّه لا يَمْتَنِعُ أن تكونَ (حَتَّى) حرف جر في موضع، وتكون غير⁣(⁣٦) ذلك في موضع آخر، كما تقولُ: إِنَّ اللام المكسورة تجزم الأفعال في نحو قولنا: لِيَقُم زَيْد، وإن


(١) في (ع): (ولا نيابة).

(٢) الكتاب: ١/ ٤١٣.

(٣) الإنصاف: ٢/ ٥٩٧ - ٥٩٨.

(٤) القدر: (٥).

(٥) انظر معاني القرآن للفراء: ١/ ١٣٦ - ١٣٧.

(٦) في الأصل (عز)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).