البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب النداء

صفحة 363 - الجزء 1

باب النداء

  اعلم أن أصل⁣(⁣١) النداء تنبيه المنادى، ليُقبل عليك فتخاطبه. وقد يعرض فيه الاستغاثة والتعجب والمدح ويجيء بيانه إن شاء الله. ومن حق كل منادى أن يكون منصوباً؛ لأنه مفعول به؛ لأن تقدير قولهم: يا رجلاً: أدعو رجلاً، فـ (يا) حرف ناب عن جملة من فعل وفاعل هذا مذهب (سيبويه)⁣(⁣٢) وسائر البصريين.

  وذكره⁣(⁣٣) (أبو سعيد) في الشرح /⁣(⁣٤) فقال: لا أحب هذا ولا أقول به إلا على جهة التقريب والتمثيل؛ لأنّهم أجمعوا أن النداء ليس بخبر، وقولنا: (أُنادي، وأدعو) إخبار عن: نفسك قال⁣(⁣٥): ولكني أقول: لما احتاج المنادي إلى عطف الاسم المنادى على نفسه واستدعائه إياه، ليُقبل عليه فيخاطبه بما يُريد، احتاج إلى حرف يصله باسمه؛ ليكون تصويتا به وتنبيها له وهو (يا) وأخواتها، وهو شيء يحرك به المنادى، فصار المنادى كالمفعول بتحريك المنادي له وتصويته به، والمنادي كالفاعل، وصار بمنزلة الفعل الذي يذكره الذاكر فَيَصلُهُ بمفعول ظاهر والفعل مضمر مقدر. قال⁣(⁣٦): وقد عبّر (سيبويه) عن هذا المعنى بأنه فعل لا يستعمل إظهاره. انتهى قوله. وحجّة النحويين في تقدير الجملة من الفعل والفاعل


(١) (أصل): ساقطة من (ع).

(٢) الكتاب: ١/ ٣٠٣.

(٣) في الأصل و (ع): (وذكر أبو سعيد) بإسقاط هاء الضمير.

(٤) شرح الكتاب للسيرافي: ج ٣ / الورقة: ٣٣ / (ب)، والورقة: ٣٤/ (أ).

(٥) شرح الكتاب للسيرافي: ج ٣ / الورقة: ٣٤ / (أ).

(٦) نفس الحاشية السابقة.