باب كم
باب كم
  قال: «اعلم أنَّ (كم) تكون في الكلام على ضربين: أحدهما: الاستفهام، والآخر: الخبر. وهي اسم لعدد منهم. فإذا كانت استفهاما نصبت النكرة التي تحسن فيها (من) على التمييز، وإذا كانت خبراً جرت تلك النكرة. فتقول(١) في الاستفهام: كم غلامًا لَكَ؟ وَكَمْ دِرْهَماً في كيسك؟ وتقول في الخبر كَمْ دِرْهَم قَدْ مَلَكْتَ، وَكَمْ دَارٍ قَدْ دَخَلْتَ».
  اعلم أن (كَمْ) لعدد منهم، وهو ينتظم جميع العدد لما في ذلك من الاختصار والحكمة؛ لأنّه أغناهم عن قولهم: أعشرون أم ثلاثون؟ فلما كان العدد بلانهاية جعلوا (كم) ينتظم جميعه. هو(٢) مبني على الوقف، وإنما بُني على الوقف؛ لأن أصل البناء أن يكون موقوفا، وما يُبنى على ركة فلعلة أوجبت ذلك.
  وإنّما بُنِي (كَمْ) لتضمنه معنى همزة الاستفهام ونيابته عنها، وبنيت في الخبر؛ لأنها(٣) ضد (رب)، و (رب) حرف جر، والشيء [قد](٤) يُحْمَلُ على ضده ونقيضه، كما يُحْمَلُ على شبهه ونظيره، و (كم) موضوعة للتكثير كما أن (رب) موضوعة للتقليل، ولهذا اختصا بالدخول(٥) على النكرات؛ لأن النكرات يصح(٦)
(١) في (مل): (تقول).
(٢) (لعدد مبهم وهو ينتظم ... جميعه وهو): ساقط من (ع).
(٣) في (ع): (وبني ... لأنّه).
(٤) تكملة تقضيها صحة الأصل.
(٥) في (ع): (بدخولهما).
(٦) في الأصل: (لا يصح) بإقحام (لا) وهو خطأ، والتصويب من (ع).