البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب التثنية

صفحة 72 - الجزء 1

  والتثنية والجمع هو زيادة شيءٍ على شيءٍ من جنسه؛ ليكثر، والجنس لا يحتاج إلى⁣(⁣١) زيادة؛ لأنَّه يدلُّ بصيغته على القليل والكثير. فإذا قلت: جاء الزيدان، فالألف حرف الإعراب، وعلامة الرفع وعلامة التّثنية، وإنما جعلوا إعراب هذا الاسم المثنى⁣(⁣٢) والمجموع بالحروف؛ لأن الحركات التي هي الضمة والفتحة [والكسبرة] / قد استوعبها⁣(⁣٣) الاسم المفرد، لَمّا كانت الحركات أقل وأوجز، وكان المفرد⁣(⁣٤) أكثر وأدور، فعمدوا إلى الحروف المأخوذة من الحركات أو الحروف التي هي أصول الحركات على الاختلاف فأقاموها مقام الحركات؛ لأنها أولى من سائر الحروف، فجعلوا الألف علامة الرفع في التَّثنية، والياء علامة الجر والنصب، وجعلوا الواو علامة الرفع في الجمع، والياء علامة الجرّ والنصب. فإن قال قائل: فهلاً جعلوا الألف في التَّثنية علامة النصب؛ لأنَّ الألف من جنس الفتحة وجعلوا الواو علامة الرفع؛ لأنَّها من جنس الضمة، وجعلوا الياء علامة الجر؛ إذ⁣(⁣٥) كانت من جنس الكسرة، فكان يجيء على مجيء باء الحركات. قيل له: كان القياس يوجب ذلك، ولكن كان يشتبه نصب التَّثنية بنصب الجمع؛ لأنَّ الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً، فلم يُمكن الفصل بينهما، وأمكن الفصل في الرفع والجر بضم ما قبل الواو في الجمع، وكسر ما قبل الياء فيه، وفتحهما في التثنية، فلما اشتبها في حال النَّصب أُسْقط النَّصب الموضع الالتباس، فاحتاجوا أن يحملوه إما على الرفع وإما على الجر، فكان حمله على الجر أولى؛ لأنَّ الجر


(١) في الأصل رسمت (إلا).

(٢) في الأصل: (والمثنى) بإقحام الواو، والتصويب من (ع).

(٣) في الأصل: (استوعها)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).

(٤) في (ع): (وكان الاسم المفرد).

(٥) في الأصل: (إِذا)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).