باب التثنية
  فرع كما أن النصب فرع، وحمل الفرع على الفرع أولى من حمل الفرع على الأصل، وأيضا فإنَّ الياء التي هي علامة الجر أخف من الواو التي هي علامة الرفع، فحمل النصب على الأخف؛ إذ لا ضرورة إلى حمله على الأثقل، ثمَّ إِنَّ الألف بقي غير مستعمل، فكرهوا إسقاطه فجعلوه علامةً لرفع الاثنين، وجعلوا الواو علامةً لرفع الجمع(١). وحصل(٢) النَّصب والجر يشتركان فيهما بالياء، ويُفرق بينهما بفتح ما قبل ياء التثنية وكسر ما قبل ياء الجمع.
  فإن قيل: فهلاً جعلوا الواو في التثنية والألف في الجمع؛ لأنَّ التَّثنية أول. قيل له: لما كان الجمع يجيء مختلفًا مُكسَّراً وغير مكسر، ولا يستقر على منهاج واحد، والتثنية تجيء على منهاج واحد، وكثرت في الكلام اختاروا لها (أَخَفَّ) الحروف وهي الألف.
  فإن قال: فلم فتحوا ما قبل ياء التثنية وكسروا ما قبل ياء الجمع (وَهَلاً) كسروا ما قبل ياء التثنية وفتحوا ما قبل ياء الجمع. قيل له: لَمّا أُضيف حرف التثنية إلى / الواحد أشبه تاء التأنيث المضافة إلى الواحد، والتاء يفتح ما قبلها، فكذلك الياء. وجواب آخر: أنَّ الألف لَمّا اختصت بالتثنية، وكان ما قبلها مفتوحا فتحاً لازما فتحوا ما قبل الياء، لئلا يختلف الباب. وأشباه ذلك كثيرة، ألا ترى أنَّهم قالوا: وَعَدَ يَعِدُ، ووَزَنَ يَزِنُ، فأسقطوا الواو من المستقبل لوقوعها بين ياء وكسرة، ثم قالوا: تَزِنُ، وَتَعِدُ، ولم تقع الواو بين ياء وكسرةٍ، ولكنهم فعلوا ذلك لئلا يختلف الباب.
  فأما دخول النون(٣) على الاسم المثنى فلأجل أن هذا الاسم كان مستحقا
(١) في (ع): (الجميع).
(٢) حصل: بقي.
(٣) في الأصل: (التنوين)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).