البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب جمع التأنيث

صفحة 88 - الجزء 1

  النصب فيه على الجر كجمع التذكير، ولا تكون تباؤه أبداً في النصب إلا مكسورة ولا تفتح ألْبَتةَ، وجُعِل ضمَّةُ النّاء علامة الرفع كما أنَّ الواو في المذكر علامة الرفع. وتلحق هذه النّاءَ نون ساكنة بمنزلة النون في قولك: (مسلمون) و (مسلمين). فإن دخل على هذا الاسم ألف ولام أو أضفته أسقطت نونه، تقول: هؤلاء المسلمات، ومسلمات القرية، وما أشبه ذلك. وإنما كانت هذه النون تُعاقب الإضافة والألف واللام؛ لأنَّها في اللفظ بمنزلة التنوين وهي في الحكم كنون الجمع.

  فإن قيل: فإن نون الجمع تثبت مع الألف واللام فتقول: (الزيدون) و (الزيدين) وأشباه ذلك، وهذ النون تسقط فكيف جعلت بمثابتها في الحكم؟

  قيل له: لَمّا كانت كل واحدة منهما زائدة بعد حرف الإعراب استويا في الحكم. وأما ثبوت النون في الجمع (مَع) الألف واللام، فإنَّها هناك تحركت فقويت بالحركة، وليس كذلك هذه النون؛ لأنَّها ساكنة فهي كالتنوين سواء. وذكر (أبو سعيد) في الشرح⁣(⁣١): أنَّ هذه التّاء يلحقها الرفع والتنوين، والجر والتنوين كـ (زيد) و (عمرو). فإن قال قائل: فإنَّ هذا الجمع يُحَرَّكُ وسَطه بالفتح، نحو قولهم: (حَمَزَاتٌ) و (طَلَحات) / و (جَفَناتٌ)، ومن شرط الجمع السالم أن تسلم حروف واحده وحركاته وسكونه⁣(⁣٢).

  قيل له: هذه حركة دخلت للفرق بين المعاني، وما يدخل للفرق بين المعاني لا يعتد به، والذي أوجب الحركة أنَّهم أرادوا أن يفرقوا بين الصفة وغير الصفة، فسكنوا الصفات وحركوا الأسماء، وهذا يُستوفى في موضعه إن شاء الله.


(١) شرح الكتاب للسيرافي: ج ١ / الورقة: ٧٦ / (ب).

(٢) (وسكونه): ليست في (ع).