البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الأفعال

صفحة 97 - الجزء 1

  (الفراء) والكوفيون إلى أنَّ المصادر مشتقة من الأفعال⁣(⁣١).

  واحتج البصريون بأشياء منها: أنَّ الفعل يدل على حدث وزمان معلوم، والمصدر يدل على حدث فقط فعُلِمَ أنَّ المصدر أوَّل؛ لأنَّ الواحد قبل الاثنين؛ إذ الواحد أحد الشَّيئين الذي دلَّ الفعل عليهما.

  الثاني: أنَّ الفعل له أمثلة من الماضي والمستقبل، نحو (ضرب) و (يضرب) و (تضرب) و (نَضرب)، والمصدر واحد⁣(⁣٢) من جميع ذلك، فصار المصدر هو الذي تصاغ منه أمثلة الفعل المختلفة؛ لأنَّه واحد يوجد في جميعها، بيان ذلك أنَّ الذهب نوع والفضة نوع واحد، تصاغ منهما الصور الكثيرة، وهما الأصل في تلك الصور.

  الثالث: أن الأسماء أصل، والأفعال فرحٌ عليها، فعلم أن الفرع مأخوذ من الأصل. ومما يدل على ذلك تسمية المصدر مصدراً.

  والمصدر في اللغة: هو الموضع الذي يُصدر عنه كقولهم: مصدر الإبل وموردها للموضع الذي تصدر عنه. عنه وترده.

  فعلم أنَّ المصدر أصل، والفعل صدر عنه لتسميته مصدراً⁣(⁣٣).

  فإن قيل: إذا كان المصدر يعتل باعتلال الفعل ويصح بصحته فهلاً دلّ ذلك على أن الفعل الأصل. قيل له: في ذلك جوابان:

  أحدهما: أنَّ الأصل قد يعتل باعتلال فرعه إذا كان كل واحد منهما يُبنى


(١) هذه إحدى المسائل التي اختلف فيها أَئِمَّةُ المصرين، انظر الإنصاف المسألة رقم (٢٨): ١/ ٢٣٥، والتبيين عن مذاهب النحويين: المسألة رقم (٦) ص ٣٧، وشرح الكافية للرضي: ٢/ ١٩١ - ١٩٢.

(٢) في الأصل: (واحداً) بالنصب، وهو خطأ، والتصويب من (ع).

(٣) في الأصل (مصدر) بالرفع، وهو خطأ، والتصويب من (ع).