المشبه بالفاعل في اللفظ
  لجاز أن تُؤكد به كسائر الأفعال، قال الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤}(١) وقال تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ٨}(٢). ولما كانت هذه الأفعال داخلة على المبتدأ والخبر ارتفع المبتدأ بعدها تشبيهاً بالفاعل من حيث إِنَّهُ واقع بعد فعل وإن لم يكن فاعلاً في الحقيقة فهو مشبه بالفاعل. وانتصب الخبر تشبيها بالمفعول به وإن لم يكن مفعولاً من حيث إِنَّهُ واقع بعد فعل واسم كقولك: ضرب زيد عمراً. هذا مذهب البصريين. وعند الكوفيين(٣) أنَّ الاسم بعد. (كان) رفع بالابتداء / على ما كان عليه قبل دخولها، والخبر منصوب على الحال. وهذا لا يصح؛ لأنَّ الخبر يكون معرفة والحال لا يكون معرفة إلا في النادر، والخبر هاهنا يقع(٤) معرفة في الأكثر الشائع، نحو قولك: كان زيد أخاك، وكان عمرو أباك، وأشباه ذلك.
  فإن قال قائل: ولم كانت هذه الأفعال مجردة من الحدث دون بقية الأفعال؟
  قيل له: لما كان قولنا: زيد كريمٌ إخباراً عن كرمه في الأزمان كلها، وأرادوا أن يُخبروا عن كرمه في زمان دون زمان جردوا (كان) من الحدث، وجعلوها دالة على الزمان فقط؛ ليصح الإخبار على ما أرادوا. وكذلك القول في جميعها. ولكل فعل من هذه الأفعال معنى فـ (كان) للدلالة على الوجود فيما مضى. وقد يجوز أن يكون هذا الماضي مُستداماً، وقد يجوز أن يكون منقطعا. فالمستدام نحو قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧}(٥) فهذا مستدام لما ثبت
(١) النساء: (١٦٤).
(٢) المزمل: (٨).
(٣) انظر التبيين المسألة رقم (٤٤) ص ٢١٩.
(٤) (يقع): ساقطة من (ع).
(٥) النساء: (١٧)، (٩٢) و (١٠٤) (١١١) و (١٧٠)، و (الفتح): (٤٨).