باب الاستثناء
  تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا}(١). فإن جعلت (إلا) بمنزلة (غير) رفعت تقولُ: جاءَ القومُ إلا زيد، وعليه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}.(٢) وأصلُ (غَيْر) أن تكون صفة؛ لأنَّها خِلافُ (مِثْل) فَحُمِلَتْ عليها.
  وأصل (إلا) أن تكون للاستثناء، ثم تدخُلُ إحداهما على الأخرى. فإذا جعَلْتَ (إلا) صفَةً أَجْرَيت ما يقع بعدها مجرى (غَيْر) في الرَّفْعِ والنَّصب والجر، تقول: جاء القوم إلا زيد، ورأيتُ القَوْمَ إلا زيدا، ومررتُ بالقوم إلا زيد. فإذا(٣) جَعَلْتَ (غَيْراً) استثناء أعربتها بإعراب الاسم الواقع بعد (إلا)، فتقولُ: جاء القوم غير زيد، ومررت بالقوم غير زيد، ورأيتُ القومَ غير زيد، فتكون (غَيْرٌ) منصوبةً في الأحوال الثَّلاث(٤).
  واعلم أنه(٥) إِنَّما تدخُلُ كُل(٦) واحدة منهما على الأخرى في الموضع(٧) الذي يصح فيه الاستثناء والصَّفَةُ. فإن [كانَ](٨) الموضع(٩) لا يصح فيها الاستثناء لَمْ تُجْعَلْ (غَيْرُ) بمنزلة (إلا)، نحو قولك: مَرَرْتُ بِرَجُل غَيْرِكَ لا يجوز أن تقول: مرَرْتُ بِرَجُل إِلا زيد، ولا(١٠): جاءَني رجُلٌ إلا زيد، تريد: غير زيد على الوصف.
(١) البقرة: (٢٤٩).
(٢) الأنبياء: (٢٢).
(٣) في (ع): (وإذا).
(٤) في (ع): (الثلاثة).
(٥) (أنه): ساقطة من (ع).
(٦) في (ع): (على كل ...) بإقحام (على).
(٧) في الأصل (موضع دون (أل) التعريف، وهو خطأ. والتصويب من (ع).
(٨) تكملة من (ع).
(٩) في الأصل: (الموضع الذي لا ...) بإقحام (الذي).
(١٠) (لا): ساقطة من (ع).