البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الاستثناء

صفحة 233 - الجزء 1

  فأما (سوى) فهو ظرف، وموضعه نصب، وهو مقصور وممدود. فإن ضَمَمْتَ أوله أو كسرته، فهو مقصور، وإن⁣(⁣١) فتحت أولُهُ مَدَدْتَ، فَقُلْتَ: جَاءَ القومُ سواء زيد. وما بعده مجرور بالإضافة إليه على كل حالٍ.

  وأما (لَيْسَ) و (لا يكونُ) وَ (عَدا) وَ (خَلا) وَ (حاشا) فإِنَّكَ إِذا جَعَلْتَ جميعها أفعالاً كان فيها ضمير مرفوع، فإِنَّهُ فاعل، وذلك الضمير لا يَظْهَرُ إِلى الفظ. وكان موحداً لا يُثنى ولا يُجْمَعُ، ومُذكَرًا لا يُؤنَّثْ، وما بعده من المنصوب يدلُّ عليه، ويكشف عن حاله. وإنما كان كذلك؛ لأنَّ هذه الأفعال لَمّا نابَتْ عن الحروف، لم تتصرف، كما أن الحرف لا يَتَصَرُّف، فلو⁣(⁣٢) ظهر ضميرها أو ثُنى أو جمع أو أنت⁣(⁣٣) لكان ذلك تصرفًا، فتقولُ: جاء القوم ليس زيداً، ولا يكون عمراً، وعدا بكراً، وخلا قاسماً، وحاشا مُحَمَّداً، قال الشاعر⁣(⁣٤):

  ٦٨ - أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ ... ... ...

  وقد يكون (عدا) و (خَلا) و (حاشا) حُروف جَر فيكون ما بعدها مجروراً بها، تقول⁣(⁣٥): جاءَ القَوْمُ عَدا زيد، وخَلا عَمْرو، وحاشا أبي [القاسم]. قال الشاعر⁣(⁣٦):


(١) من (ع) في الأصل (فإن) بالفاء.

(٢) في (ع): (ولو) بالواو.

(٣) في الأصل: (وجمع وأنث)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٤) هو لبيد بن ربيعة.

٦٨ - هذا صدر بيت من الطويل عجزه: (وَكُلُّ نَعيم لا محالة زائِلُ). انظر ديوانه: ١٣٢، وابن يعيش: ٢/ ٧٨، والمغني: ٢١٥، وشرح الكافية الشافية: ٢/ ٧٢٢، واللسان: (رجز)، وصدره في المغني: ١٤٢، وأوضح المسالك: ٢/ ٢٧٩، والهمع: ١/ ٣، ٢٢٦، ٢٣٣.

(٥) في (ع): (فتقول).

(٦) هو الجميح الأسدي.