البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب / حتى

صفحة 261 - الجزء 1

  كانت تجر الأسماء.

  وكما تقولُ: إِنَّ (مُنْذُ) و (مُذْ) يَرْفَعانِ تارةً ويجران أُخرى، وكذلك⁣(⁣١) (حتى). و (حَنّى) موضوعة للغاية، كما أن (إلى) موضوعة للغاية، ومتى كانت غاية⁣(⁣٢) لم يَكُن بعدها إلا مجروراً؛ لأن معنى العطف زال عنها، تقولُ: إِنَّ فُلاناً ليصوم حتى يوم الفطر، فيكون مجرورًاً على كل حال. والفرق بينهما أنَّ المضمر لا يقعُ بعد (حَتَّى) كَأَنَّهُمْ اسْتَغْنوا بـ (إِلَيْه) عن (حَمَّاهُ)⁣(⁣٣).

  والثاني: أن يكون الاسم الواقع بعدها من جملة ما قبلها، والفعل يُستبعد منه أكثر مما كان يُستبعد من الجميع⁣(⁣٤)، نحو قولك: استجرى على الأمير جُنْدُهُ حَتَّى الضعيف، ولا يجوز أن تقول: إلى الضعيف؛ لأنَّ ذلك ليس بمعنى. فلو قلت: اسْتَجْرَى على الأميرِ جُنْدُهُ حتى انتهى الاستجراء / إلى الضعيف، كان ذلك بزيادة كثيرة، ووقعت (إلى) في صلة (انتهى) لا في صلة (حَتّى).

  قال: «وإذا كانت عاطفة قُلْت: قامَ القَوْمُ حَتَّى زيد، ورَأَيْتُ القَوْمَ حَتَّى زيداً، ومَرَرْتُ بالقوم حتى زَيْد. وإذا ابتدأ الكلام بعدها قُلْتَ: قامَ القومُ حَتَّى زيد قائِمٌ⁣(⁣٥)، ومَرَرْتُ بالقومِ حَتَّى زيدٌ مرور به، ويُروى هذا البيت على ثلاثة


(١) في (ع): (فكذلك).

(٢) في (ع): (للغاية).

(٣) في الأصل: (حشاه)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٤) أي يستبعد وقوع الفعل منه أكثر مما يستبعد ممن ذكر قبله، فاستجراء الضعيف من الجند على الأمير كما في المثال مستبعد أكثر من استجراء بقية الجنود.

(٥) في (مل) زيادة: (وضربت القوم حتى زيد مضروب، وسقيت القوم حتى زيد ريان).