باب الإضافة
  بكر غدا، التقدير: ضارب بَكْراً، ولولا ذلك لما جازَ أَنْ تَصِفُ بِهِ النَّكِرَةَ، نحو قوله تعالى: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}(١) فَأضاف (مُمْطرًا) إلى الضمير، ثم وصف (العارض)، وهو نَكِرةٌ، بـ (المُمْطِرِ)، والنَّكِرَةُ لا تُوصَفُ بالمعرفة /، فَعُلِمَ أنَّ التَّقْدير فيه الانفصال. وكذلك قوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}(٢)؛ لأنه وَصَفَ (الهَدْيَ)، وهو نكرة، بـ (بالغ) مع كونه مُضافًا إلى الكعبة، وهي معرفةٌ، إِلا أَنَّهُ لَما لم يتعرف بالإضافة إليها لتقديرك فيه التنوين بقي نكرة على ما كان عليه. وإِنَّما حَسُنَتِ الإضافة؛ لأنَّ مِنْ حَقٌّ كل اسم لاقى اسما، ولم يكن صفةٌ له، ولا خبراً عنه، ولا مميزاً، ولم يحل بينهما حرف عطف، أن يكون مضافًا إليه. واسم الفاعل اسم فلما لاقى الاسم جَرَرْتَهُ(٣) به. ومن المضاف على تقدير التنوين قولُكَ: مَرَرْتُ بِرَجُل حَسْبِكَ مِنْ رَجُلٍ وَهَمَكَ مِنْ رَجُلٍ وشَرْعِكَ وهَدَّكَ(٤) (٥) مِنْ رجل.
  فأما (حَسْبُكَ): فهو مصدرٌ منْ أَحْسَبَني الشيء؛ أي(٦) كفاني. وأما البواقي فجاريةٌ مجرى المصدر، وإن لم يُستَعْمَلْ مِنْهُنَّ فعل. وكذلك: (مِثْلُكَ) وَ (غَيْرُكَ) وَ (ناهيك) تجري هذا المجرى. فتقدير(٧) التنوين في جميعها، وتحذفه تخفيفًا، كما فَعَلْتَ في اسم الفاعل. ومِن المضاف على تقديرِ التَّنْوينِ أيضًا
(١) الأحقاف: (٢٤).
(٢) المائدة: (٩٥).
(٣) في الأصل (جريرته)، وهو تحريف، والتصويب.
(٤) في (ع): (هذك) وهو تصحيف.
(٥) همك وشرعك وهدك: حسبك. انظر اللسان (همم) و (شرع) و (هدد).
(٦) في (ع): (إذا).
(٧) في (ع): (فَيُقَدِّرُ التَّنْوين).