البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الإضافة

صفحة 268 - الجزء 1

  قولك: رأيت ضاربي زيد، ومَرَرْتُ بِضاربي زيد، وهؤلاء ضاربو زَيْد، إِذا أَرَدْتَ بـ (ضارب): (يَضْرِبُ). فَإِنْ أَرَدْتَ به (ضَرَبَ) تَعَرَّفَ الأَوَّلُ بِالثَّاني، وكانَتْ إِضَافَةً مَحْضَةٌ. فَإِنْ أَدْخَلْتَ الألف واللام، وثَنَّيْت وجَمَعْت، ثَبَتَت النونُ، وَلَمْ يُثبت التنوين، لما قدمناه أنَّ النّونَ بحركتها قويَتْ فَثَبَتَتْ⁣(⁣١)، والتَّنْوين لسكونه ضَعُفَ قلم يثبت مع الألف واللام. فإنْ أضَفْتَ سَقَطت التونُ مع الإضافة فَقُلْتَ: مَرَرْتُ بالضاربي زيد، قال الله تعالى: {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ}⁣(⁣٢) فمتى أَثْبَتَ النّونَ أوِ التَّنْوينَ نَصَبْتَ، ومتى سقطا جَرَرْت.

  الضرب الثاني من الإضافة غير المحضة: وهو الصفةُ الجاري إعرابها على ما قبلها، وهي في المعنى لما أضيفت إليه، نحو قولك: مَرَرْتُ بِرَجُل حَسَن الوجه، والتقديرُ: حَسَنٌ وَجْهُهُ، وإِنَّما جازَ: مَرَرْتُ بِرَجُل حَسَن الوجه، و (الوَجْهُ) هاهنا نَكِرَةٌ وإِنْ كان فيه الألف واللام؛ لأنَّ الأَصلَ فيهِ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسَنٍ وَجْهِ. فَإِذَا قُلْتَ ذلكَ عُلِمَ أَنَّكَ / لا تعني من الوجوه غير وجهه، فزيدَتِ الألف واللام تَحْسينًا للكلام.

  الضَّرْبُ الثَّالث: إضافةً (أَفْعَلَ)⁣(⁣٣) إلى ما هُوَ بَعْضُهُ، نحو قولك زيدٌ أَفْضَلُ النَّاسِ، وأَكْرَمُ القَوْمِ، فَـ (أَفْضَلُ) وَ (أَكْرَمُ) مُضاف إلى جماعة هو أحدها، وهي مُشْتَرَكَة معه في هذه القصَّةِ إِلا أَنَّ صفَتَهُ زائدة على صفتِهِمْ، تقولُ: زيدٌ أَفْضَلُ العلماء، والدليل على ما ذكرناه أنَّك لا تقولُ: زيد أفضل الحجارة، وتقول: الياقوت أفضل الحجارة؛ لأنه حجر. والفرق بين هذا وبين (أَفْعَلَ) الَّذِي تَصْحَبُهُ


(١) في الأصل: (فثنيت)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).

(٢) الحج: (٣٥).

(٣) في الأصل (فعل) وهو وهم من الناسخ، والتصويب من (ع).