باب الإضافة
  الجامع، والأصل فيه أن يكون وصفا، تقولُ: الصلاة الأولى، والمسجد الجامع؛ لتكون قدْ وَصَفْت معرفةً بمعرفة، فلمّا نُزِعَتِ الْأَلِفُ واللَّامُ احْتَجْتَ إِلَى الإضافة، ولا يجوز أن تُضيف مسجداً إلى الجامع، ولا صلاة إلى الأُولى؛ لأنَّ الشَّيْء لا يُضاف إلى نفسه، لا تقولُ: هذا زيد العاقل. فلما تَعَدَّرَ ذلك(١) قدروا مَوْصوفًا، ثُمَّ حذفوا الموصوف، وأقاموا الصفة مقامَهُ، والتَّقديرُ: صلاةُ السَّاعَةِ الأولى، ومَسجِدُ اليَوْمِ الجامع، فحذفوا / اليَوْمَ وأَقاموا الجامع مقامَهُ.
  قال: «واعلم أنَّ المضاف قد يكتسي من المضاف إليه كثيراً من أحكامه، نحو التعريف، والاستفهام، ومعنى(٢) الجزاء، ومعنى العموم، ويأتي هذا في أماكنه إن شاء الله».
  اعْلَمْ أَنَّ النَّكِرَةَ مِنْ حَقِّها أنْ تُضاف إلى المعرفة لتصير معرفة بإضافتها إليها. فأما المعرفة فإنَّكَ لا تُضيفها إلى شيءٍ؛ لأنَّها لا تحتاج إِلى تَعْرِيف، فَإِنْ أَضَفْتَها بَطَلَ التعريف الذي فيها، وصارَ حُكْمُها في التعريف والتنكير على حُكْم ما تُضافُ إليه، فإن أضفتها إلى معرفة تعرفت بالإضافة إليها، وإِنْ أَضَفْتَها إِلى نَكِرَةٍ تَنَكَّرَتْ بالإضافة إليها.
  فأما الإضافة إلى الاستفهام، فَنَحْو قولك: غُلامُ مَنْ عِنْدَكَ؟ فَـ (الغُلَامُ) صَارَ مُسْتَفهما عنه بإضافته إلى الاستفهام، وإن لَم يَدْخُلْ حَرْفُ الاستفهام عليه. وكذلك الشرط والجزاء، إذا قُلْتَ: غلام منْ تَضرب أضْرِبُ، فَلَمّا(٣) أَضَفْتَ الغُلام إلى الشرط والجزاء صار داخلاً فيه، ولما كُنتَ إذا أضفت عاما إلى خاص تخصص، وكذلك إذا أضفت خاصا إلى عام يصير عاما.
(١) (ذلك) ساقطة من (ع).
(٢) (معنى): ساقطة من (مل).
(٣) في (ع): (لما) بغير الفاء.