البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب النداء

صفحة 364 - الجزء 1

  أن العرب تكلّمت بالمنادى المضاف منصوباً فقالوا: يا عبدالله، وكذلك بالمشبه بالمضاف من أجل طوله نحو قولهم: يا خيراً من زيد، ونصبت النكرة نحو قولهم: يا غلاما ويا رجلاً، والنعت نحو قولهم: يا زيد العاقل، فاحتاج النحويون إلى تقدير ناصب لهذه المنصوبات فقدّروا الجملة من الفعل والفاعل. فأما الأسماء الأعلام، فنحو: زيد وعمرو، فهي في النداء مبنيّة على الصّمّ عند البصريين، ومعربة عند الكوفيين⁣(⁣١). والذي أوجب بناءها وقوعها⁣(⁣٢) موقع أسماء الخطاب، نحو (أنت) و (رَأَيْتُكَ) هذا ما أَمَلَهُ علينا شيخنا أبو القاسم زيد بن علي |. فلما كانت أسماء الخطاب مبنيّة صارت الأعلام⁣(⁣٣) بوقوعها موقعها مبنية. وذكر غيره⁣(⁣٤) أنها وقعت موقع النّاء من (أَنْتَ) فأشبهت الحرف فبنيت. فأما حركتها بالضم، فلأن هذه الأسماء متمكنة ومعانيها في أنفسها فلما بنيت بُنيت على أقوى الحركات ليكون عوضاً لها من الإعراب⁣(⁣٥).

  وقال قوم⁣(⁣٦): بنيت على الضَمّ؛ لأنّ النّصب في نداء النكرات، وفي المضاف أيضا، والكسر تشبيه بياء المضاف إلى نفسه، نحو غلامي وصاحبي، فلم يبق غير الضّم. فإن اعترض مُعْتَرِضٌ على هذا ببنائها⁣(⁣٧) على السكون؛ لأنه أصل البناء فلا بد من الرجوع إلى ذكر التمكن؛ لِتَتَمَيَّز هذه الأسماء⁣(⁣٨) بالضم عن


(١) انظر الإنصاف المسألة رقم (٤٥): ١/ ٣٢٣.

(٢) في (ع): (موقعها).

(٣) في (ع): (الأسماء الأعلام).

(٤) هذه علة جمهور النحاة: انظر ابن يعيش: ١/ ١٢٩، والهمع: ١/ ١٧٢.

(٥) في الأصل (... من البناء) وهو وهم، والتصويب من (ع).

(٦) ذكر ذلك ابن يعيش: ١/ ١٣٠، والرضي: ١/ ١٣٣، وصاحب الهمع: ١/ ١٧٢ ولكنهم لم يعينوهم.

(٧) في الأصل: (لبنائها) وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٨) في (ع): (لتميّز هذه الأسماء ...).