باب النداء
  أن العرب تكلّمت بالمنادى المضاف منصوباً فقالوا: يا عبدالله، وكذلك بالمشبه بالمضاف من أجل طوله نحو قولهم: يا خيراً من زيد، ونصبت النكرة نحو قولهم: يا غلاما ويا رجلاً، والنعت نحو قولهم: يا زيد العاقل، فاحتاج النحويون إلى تقدير ناصب لهذه المنصوبات فقدّروا الجملة من الفعل والفاعل. فأما الأسماء الأعلام، فنحو: زيد وعمرو، فهي في النداء مبنيّة على الصّمّ عند البصريين، ومعربة عند الكوفيين(١). والذي أوجب بناءها وقوعها(٢) موقع أسماء الخطاب، نحو (أنت) و (رَأَيْتُكَ) هذا ما أَمَلَهُ علينا شيخنا أبو القاسم زيد بن علي |. فلما كانت أسماء الخطاب مبنيّة صارت الأعلام(٣) بوقوعها موقعها مبنية. وذكر غيره(٤) أنها وقعت موقع النّاء من (أَنْتَ) فأشبهت الحرف فبنيت. فأما حركتها بالضم، فلأن هذه الأسماء متمكنة ومعانيها في أنفسها فلما بنيت بُنيت على أقوى الحركات ليكون عوضاً لها من الإعراب(٥).
  وقال قوم(٦): بنيت على الضَمّ؛ لأنّ النّصب في نداء النكرات، وفي المضاف أيضا، والكسر تشبيه بياء المضاف إلى نفسه، نحو غلامي وصاحبي، فلم يبق غير الضّم. فإن اعترض مُعْتَرِضٌ على هذا ببنائها(٧) على السكون؛ لأنه أصل البناء فلا بد من الرجوع إلى ذكر التمكن؛ لِتَتَمَيَّز هذه الأسماء(٨) بالضم عن
(١) انظر الإنصاف المسألة رقم (٤٥): ١/ ٣٢٣.
(٢) في (ع): (موقعها).
(٣) في (ع): (الأسماء الأعلام).
(٤) هذه علة جمهور النحاة: انظر ابن يعيش: ١/ ١٢٩، والهمع: ١/ ١٧٢.
(٥) في الأصل (... من البناء) وهو وهم، والتصويب من (ع).
(٦) ذكر ذلك ابن يعيش: ١/ ١٣٠، والرضي: ١/ ١٣٣، وصاحب الهمع: ١/ ١٧٢ ولكنهم لم يعينوهم.
(٧) في الأصل: (لبنائها) وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٨) في (ع): (لتميّز هذه الأسماء ...).