باب الندبة
  اعلم أن الاسم المندوب هو منادى إلا أنّه لما اختص بما ذكرنا(١) من الحزن والجزع جعلوا له حرفًا مفرداً يدلّ عليه وهو (وا)؛ ليكون نداء الميت مخالفًا لنداء الحي، وإنّما جاز دخول (يا) في الندبة؛ لأنّها أصل الحروف الموضوعة للدعاء(٢)، وقد ذكرنا أنّها تصلح لنداء القريب والبعيد. فإن قال قائل: فكيف يعرف بها نداء الحي من الميت؟ قيل له: يُعْلَمُ ذلك(٣) بالحال والقرينة، وقد بينا لم ألحقوا الألف في آخر الاسم(٤) المندوب. فأما الهاء فإنّما جيء بها؛ ليقفوا عليها؛ لأن الألف خفية والوقف عليها يزيدها خفاء، فإذا ألحقت الهاء بانت الألف، وصار الوقف على الهاء، فإذا وصلت حذفت الهاء، فقلت: وازيدا وَوَاعَمْراه، فاستغنيت عن الهاء لظهور(٥) الألف، فإن لم تأتِ بالألف قلت: وازَيَّدُ، وَاعَمْرُو، وتبنيه على الضم كما فعلت في الأسماء الأعلام المناداة(٦). وهذه الهاء ساكنة لا تتحرك؛ لأنّ هاء الوقف أبداً ساكنة نحو قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ٢٨ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ٢٩}(٧).
  [قال](٨): «واعلم أنك لا تندب إلا بأشهر أسماء المندوب؛ ليكون ذلك عُذرا لك في تفجعك عليه، ولا تندب نكرة ولا مبهما، فلا تقول:
(١) في (ع): (ذكرناه).
(٢) في (ع): (للنداء).
(٣) (ذلك): ساقطة من (ع).
(٤) في (ع): (اسم المندوب).
(٥) في الأصل: (لضرورة) وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٦) في الأصل: (الأعلام والمناداة) بإقحام الواو، والتصويب من (ع).
(٧) الحاقة: (٢٨) (٢٩).
(٨) تكملة من (ع).