البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الندبة

صفحة 408 - الجزء 1

  اعلم أن الاسم المندوب هو منادى إلا أنّه لما اختص بما ذكرنا⁣(⁣١) من الحزن والجزع جعلوا له حرفًا مفرداً يدلّ عليه وهو (وا)؛ ليكون نداء الميت مخالفًا لنداء الحي، وإنّما جاز دخول (يا) في الندبة؛ لأنّها أصل الحروف الموضوعة للدعاء⁣(⁣٢)، وقد ذكرنا أنّها تصلح لنداء القريب والبعيد. فإن قال قائل: فكيف يعرف بها نداء الحي من الميت؟ قيل له: يُعْلَمُ ذلك⁣(⁣٣) بالحال والقرينة، وقد بينا لم ألحقوا الألف في آخر الاسم⁣(⁣٤) المندوب. فأما الهاء فإنّما جيء بها؛ ليقفوا عليها؛ لأن الألف خفية والوقف عليها يزيدها خفاء، فإذا ألحقت الهاء بانت الألف، وصار الوقف على الهاء، فإذا وصلت حذفت الهاء، فقلت: وازيدا وَوَاعَمْراه، فاستغنيت عن الهاء لظهور⁣(⁣٥) الألف، فإن لم تأتِ بالألف قلت: وازَيَّدُ، وَاعَمْرُو، وتبنيه على الضم كما فعلت في الأسماء الأعلام المناداة⁣(⁣٦). وهذه الهاء ساكنة لا تتحرك؛ لأنّ هاء الوقف أبداً ساكنة نحو قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ٢٨ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ٢٩}⁣(⁣٧).

  [قال]⁣(⁣٨): «واعلم أنك لا تندب إلا بأشهر أسماء المندوب؛ ليكون ذلك عُذرا لك في تفجعك عليه، ولا تندب نكرة ولا مبهما، فلا تقول:


(١) في (ع): (ذكرناه).

(٢) في (ع): (للنداء).

(٣) (ذلك): ساقطة من (ع).

(٤) في (ع): (اسم المندوب).

(٥) في الأصل: (لضرورة) وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٦) في الأصل: (الأعلام والمناداة) بإقحام الواو، والتصويب من (ع).

(٧) الحاقة: (٢٨) (٢٩).

(٨) تكملة من (ع).