البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الندبة

صفحة 409 - الجزء 1

  واهذه، ولا واتلكاه، وكذلك لا تقول: وامَنْ لا يعنيني أمْرَهُوهُ، لما قدمنا، ولكن تقول: وامَنْ حَفَرَ بئر زمزماه؛ لأنه معروف.

  أعلم أن أصل الندبة ماقدمناه وهو بكاء [وَنوحٌ]⁣(⁣١) وحزن على فائت لا عوض منه لنوع فضل أو شجاعة أو إحسان أو قيام بأمر لا يقوم به غير المندوب. وإظهار البكاء والحزن ضعف ممَّنْ يُظهِرُ ذلك، فاحتاج إلى تعظيم الأمر الذي حزن لأجله وبكى عليه؛ ليكون عُذراً له عند السامعين، فلهذا لم يحسن أن يأتي في الندبة إلا بأشهر الأسماء؛ ولأنهم إذا سمعوا / باسمه ربما⁣(⁣٢) شاركوه في الحزن فخف ما به؛ لأن الإنسان إذا ساوَتْ حال غيره حاله قل ما به وتسلّى.

  وليس المندوب كالمنادى؛ لأنّك تنادي النكرة، ولا يجوز أن تندب النكرة فتقول: يارجلاه؛ لما بينا. وقولهم: وامَنْ حَفَرَ بِغْرَ زَمْزَمَاهُ⁣(⁣٣)، واأمير⁣(⁣٤) المؤمنيناه⁣(⁣٥)، لشهرة ذلك.

  قال: «فإن ندبت المضاف أوقعت المدة على آخر المضاف إليه، تقول: واعبْد المَلكاه وياأبا⁣(⁣٦) الحَسَناهُ.

  اعلم أنك إذا ندبت اسماً مضافًا إلى اسم ظاهر كنت فيه بالخيار إن شئت


(١) تكملة من (ع).

(٢) في الأصل: (وربما ...) بإقحام الواو.

(٣) القول في سيبويه: ١/ ٣٢٤، والمقتضب: ٤/ ٢٧٥، والتبصرة: ١/ ٣٦٥، وشرح الكافية للرضي: ١/ ١٥٩، وشرح الكافية الشافية: ٣/ ١٣٤١، ١٣٤٣ والمساعد: ٢/ ٥٣٥.

(٤) في الأصل و (ع) رسمت: (وأمير).

(٥) القول في سيبويه: ١/ ٣٢٣، والمقتضب: ٤/ ٢٧٥، والتبصرة: ١/ ٣٦٤، وشرح الكافية للرضي: ١/ ١٥٩.

(٦) في (ع) و (مل): (واأبا).