البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب إعراب الأفعال وبنائها

صفحة 416 - الجزء 1

  وهذا الفعل المضارع إنّما أُعْرِب لمضارعته الأسماء، وهو مرفوع أبداً بوقوعه موقع الاسم حتى يدخل عليه ما ينصبه أو يجزمه⁣(⁣١)، ويكون في الرفع مضموما، وفي النصب مفتوحا، وفي الجزم ساكنًا، تقول: هُوَ يَضْرِبُ، وَلَنْ يَضْرِبَ، وَلَمْ يَضْرِب، هذا في الصحيح⁣(⁣٢)».

  اعلم أنه قد مضى لم أُعْرِبَتْ هذه الأفعال [و]⁣(⁣٣) بينا وجه المضارعة من أين حصل، وبيَّنا أيضًا [لِمَ وقعت]⁣(⁣٣) حروف المضارعة في أوائلها، فلا طائل في إعادته هاهنا.

  وهذا [الفعل المضارع أ ع أبداً]⁣(⁣٣) مرفوع ما لم يدخل عليه ناصب أو جازم، وإنما ارتفع بوقوعه موقع الاسم [ألا ترى أنك]⁣(⁣٣) تقول: زيد يَضْرِبُ، ثم تقول: يَضْرِب زيد. فقد وقع: (يَضْرِبُ) مَوْقِعَ (زَيْد). وتقول: زيد خارج، ثم تقول: زيد يَخْرُجُ، فقد وقع (يَخْرُجُ) مَوْقِعَ (خارج). وكذلك تقول⁣(⁣٤): ظَنَنْتُ زَيْداً يقوم، كما تقول: ظَنَنْتُ زَيْداً قائماً. فلما وقع موقع الاسم من هذه الوجوه رفع؛ لأن الرفع أقوى الحركات والموجب لرفعه وقوعه موقع الاسم، وهو عامل معنوي لا لفظي كما قلنا في المبتدأ: إِنّه مرفوع بخلوّه من العوامل اللفظية، فصار الابتداء به عاملاً معنويا لا لفظيا، كذلك هاهنا. وقال قوم⁣(⁣٥): إنما ارتفع هذا الفعل؛ لأنّه خلا من حروف النّصب / والجزم. وهذا وإن كان جيّداً إلا أنه لابد له من عامل


(١) من قوله: (ويكون في الرفع ...) بداية الورقة الساقطة من (ج).

(٢) في (مل): (هذا هو الفعل الصحيح).

(٣) بياض في الأصل ملأته من (ع)؛ لأن هذه الورقة ساقطة من (ج).

(٤) (تقول): ساقطة من (ع).

(٥) هم الكوفيون: انظر الإنصاف المسألة رقم (٧٤): ٢: / ٥٥٠، ونسبه صاحب الهمع للفراء خاصة: ١/ ١٦٤.