باب التعجب
  قيل: فقد قالوا: حَولَتْ عَيْنُهُ وَعَوِرَتْ، فهلا قلت منه: ما أَحْوَلَهُ، وما أَعْوَرَهُ. قيل له: هذا الفعل الثلاثي منقول من الزائد(١)، والزائد(٢) مراد. والدليل على ذلك أنك صححت الواو فيه، ولو كان غير منقول لكانت (حالت، وَعارَتْ) على ما يوجبه حكم التصريف؛ لأن الواو إذا تحركت وانفتح ما قبلها تُقلب ألفا، فلما صُححت الواو فيه عُلم أنّه منقول، والأصل مراد، فلهذا لم يُتَعَجَّب منه إلا بـ (أشد) وما يجري مجراه.
  قال: «وكل ما جاز فيه (ما أَفْعَلَهُ) جاز فيه (أَفْعَلْ بِهِ)، و (هو أَفْعَلُ مِنْكَ). ومالم يجز فيه (ما أَفْعَلَهُ) لم يجز فيه (أَفْعِل به)، ولا (هو أَفْعَلُ منك) تقول: ما أَحْسَنَ أخاك، وكذلك تقول: أَحْسِن به، وهو أَحْسَنُ منك. [وكما](٣) لا تقول: ما أَحْمَرَهُ، فكذلك(٤) لا تقول: أَحمر به، ولا هو أَحْمَرُ منك. ولكن تقول: ما أَشَدَّ حُمْرَتَهُ، وكذلك تقول: أشدد بحُمْرَته، وهو أَشَدُّ منك حمْرَةً(٥)، وأَقْبِحْ بِحَولِهِ، وهو أَقْبَحُ حَوَلاً منك».
  اعلم أن هذين اللفظين أعني (أفْعَلُ منك) و (أفْعَلُ النَّاسِ) ليسا من ألفاظ التعجب وإنّما أشبها التعجب فأُجريا مُجراه، وذلك أن المقصود من التعجب التكثير والتفضيل، وهذا معنى(٦) موجود في هذين اللفظين، ألا ترى أنك إذا
(١) في (ع): (الزوائد) وهو تحريف.
(٢) (الزائد): ساقط من (ع).
(٣) تكملة من (مل).
(٤) في (ع): (وكذلك).
(٥) في (ع) و (مل): (وَهُوَ أَشَدُّ حُمْرَةً مِنْكَ).
(٦) (معني): ساقطة من (ع).