البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

مسائل من هذا الباب

صفحة 477 - الجزء 1

  تعالى: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}⁣(⁣١) فـ (ساء) بمنزلة (بئس)؛ لأنه ذم كما أن (بئس) ذم، و (القوم) ليسوا من جنس (المَثَلِ) المُضْمَرِ. فالقول فيه أن ذلك على حذف المضاف وإقامة⁣(⁣٢) المضاف إليه مقامه، والتقدير: ساءَ المَثَلُ مَثَلاً مَثَلُ القَوْم، فحذف (المَثَلَ) وأقام (القَوْمَ) مقامه فارتفع، وكان - لو أظهر (المثل) مجروراً بالإضافة.

  مسألة: إن سأل سائل فقال: قد ذكرتم أنّ (نعم، وبئس) لا يرفعان النكرات، وقد جاء في قول الشاعر⁣(⁣٣):

  ١٧٢ - فَنِعْمَ صاحِبُ قَوْمٍ لا سلاحَ لَهُمْ ... وَصَاحِبُ الرَّكْبِ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَا

  فرفع (صاحباً) وهو مضاف إلى النكرة والمضاف إلى النكرة نكرة⁣(⁣٤) بمنزلتها.

  والجواب عن ذلك أنه لما أضافه إلى (القَوْمِ الذين⁣(⁣٥) لا سلاحَ لَهُمْ) صار فيه ضرب من التعريف، لتخصيصه وصفته، وأنت إذا وصفت النكرة قربتها من المعرفة بالصفة فجرت مجرى المعرفة وجاز وقوع النكرة⁣(⁣٦) هاهنا لما فيها من الشياع؛ لأنّ النكرة لا تخص واحدا بعينه فأشبهت ما فيه الألف واللام فعلى هذا تجري هذه المسألة.


(١) الأعراف: (١٧٧).

(٢) في الأصل: رسمت (إقامت) بالتاء.

(٣) هو كثير بن عبد الله النهشلي.

١٧٢ - البيت من البسيط.

وهو في الإيضاح: ١/ ٨٥، والمرتجل: ١٤١، وابن يعيش: ٧/ ١٣١، والمقرب: ١/ ٦٦، والخزانة: ٤/ ١١٧، والمقاصد: ٤/ ١٧، وصدره في الهمع: ٢/ ٨٦.

(٤) في (ع): (يكون نكرة).

(٥) في الأصل: (الذي) وهو وهم، والتصويب من (ع).

(٦) في الأصل: (وقوع رفع النكرة) بإقحام (رفع).