باب عسى
  أحدهما: أن يكون اسما كـ (زيد، وعمرو).
  والآخر: أن يكون الفاعل (أنْ) مع صلتها.
  فإذا كان الفاعل (أنْ) مع صلتها تمَّ الفعل بها ولم يحتج(١) إلى شيء آخر نحو قولك: عسى أن يقوم زيد، والتقدير: عسى قيامُ زَيْد بمنزلة قولك: قَرُبَ قيام زيد. وإذا كان الفاعل اسْماً كـ (زيد، وعمرو) افتقرت إلى خبر يدل على الحدث(٢) نحو قولك: عَسى زيدٌ أَنْ يَقوم(٣). وقد نطق القرآن بهما جميعا، قال الله تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ}(٤)، وقال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا}(٥). فلابد من ذكر (أنْ) بعد (عسى) إما في الفاعل أو في الخبر. والعلة في لزوم (أنْ) ل (عسى) أن (عسى) موضوعة لفعل مُتَوَهم وقوعه في الاستقبال فالزموها (أنْ)؛ لأن (أنْ) مع ما بعدها تدلّ على المستقبل، ألا ترى أن (كاد) لما كانت لمشارفة الفعل مُنعَتْ من (أنْ)، فإذا قلت: كادَ يَفْعَلُ، فإنّما تقوله لمن هو على حد الفعل كالداخل فيه لا زمان بينه وبين دخوله فيه، وسبيل المستقبل أن يكون في كونه مهلة، فلما افترقا من هذا الوجه لزمت (أَنْ) (عسى)، وَمُنعت من (كاد). وقد شُبُهَتْ (عسى) بـ (كاد) في ضرورة الشعر، نحو قوله:
  عسى الهم الَّذِي أَمْسَيْت فيه ... ... ...
  ولا يجوز في غير الشعر، وشُبهت (كادَ) بـ (عسى) في الضرورة أيضاً نحو
(١) في (ع): (فلا يحتاج).
(٢) في الأصل: (الحدث) بالتاء، وهو تصحيف.
(٣) (والتقدير عسى قيام زيد ... عسى زيد أن يقوم): ساقط من (ع).
(٤) المائدة: (٥٢).
(٥) البقرة: ٢١٦. وفي الأصل: (عسى أن تكرهوا بإسقاط واو، والتصويب من (ع).