البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب كم

صفحة 488 - الجزء 1

  تقليلها وتكثيرها، والمعرفة لا يصح ذلك فيها؛ لأنّها لا تتغير⁣(⁣١). وقد قدمنا شرح ذلك فيما مضى.

  فإذا استفهمت بـ (كَم) نصبت ما بعدها على التمييز؛ لأنّها نائبة عن عدد فيه نون؛ إذ⁣(⁣٢) كان في الأصل موضوعاً لعدد منهم، وهو ينتظم جميع العدد لما في ذلك من الحكمة والاختصار؛ لأنّه أغناهم عن قولهم: أعشرون أم⁣(⁣٣) ثلاثون؟ فلما كان العدد بلا نهاية جعلوا (كم) ينتظم جميعه. فإذا قلت: كم رجلاً عندك؟ فالتقدير: أعشرون رجلاً عندك.

  فإذا وقعت في الخبر جَرَرْت ما بعدها فقلت: كَمْ رَجُلٍ أَدْرَكْتَ، وَكَمْ مال جمعت، أي ذلك كثير، فجررت (رجلاً) بإضافة (كَمْ) إليه، وتكون (كم) بمنزلة عدد محذوف النون لموضع الإضافة، تقديره، عِشْرُو رَجُلٍ وَثَلاثو دِرْهَم، وما أشبه ذلك. وقد يجوز النصب في الخبر على أن تُقَدِّرَ النّون كأنك قلت: عشرون⁣(⁣٤) رجلاً لقيتُ، وثلاثون رجلاً أدركتُ، وما أشبه ذلك. إلا أن النصب في الاستفهام أجود والجر في الخبر أجود، واختاروا [النّصب مع الاستفهام]؛ لأن⁣(⁣٥) الاستفهام لم يُضارع الفعل، والفعل يعمل النصب، فاختاروه لذلك⁣(⁣٦). وجروا في الخبر؛ لأنها في الخبر نقيضة (رُبَّ) فحملوها عليها⁣(⁣٧) للفرق بين الموضعين.


(١) في (ع): (لأنها تتغير) بإسقاط (لا)، وهو خطأ.

(٢) في (ع): (إذا) وهو تحريف.

(٣) في (ع): (أو).

(٤) في الأصل: (أعشرون) بإقحام الهمزة والتصويب من (ع).

(٥) في (ع): (وإنما اختاروا ذلك لان ...).

(٦) في (ع): (فاختاروا النصب في الاستفهام).

(٧) في (ع): (فحملوها على نقيضتها).