البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب كم

صفحة 489 - الجزء 1

  فإن قال قائل: إذا كانت (كَمْ) بمنزلة عدد فيه نون فكيف جاز أن يُفَسَّرَ بجمع إذا قلت في الخبر: كَمْ رِجال أَدْرَكْتَ، وَكَمْ غُلْمَانِ اسْتَرَيْت؟

  قيل له: لأنا لما خفضنا ما بعد (كَمْ) وكان العدد الخافض مرة يُفسر بجمع، نحو ثلاثة أثواب، وخمسة أبراد، ومرة يُفَسَّرُ بواحد، نحو: مائة درهم وألف ثوب، وكانت (كَمْ) لعدد منهم لا يُدرى ما هو أجيز فيها ما أُجيز في الأعداد.

  قال: «فإن فصلت بينها وبين النكرة التي تنجر في الخبر نصبتها، تقول: كَمْ قَدْ حَصَلَ لي غُلامًا، وَكَمْ قَدْ زارَني رَجُلاً، أَرَدْتَ: كَمْ غُلامٍ قد حصل لي، و كم رجل قد زارني فلما فصلت ما⁣(⁣١) بينهما نصبت النكرة، قال (القطامي):

  ١٧٨ - كَم نالنى مِنْهُمْ فَضْلاً عَلى عَدَم إِذ لا أَكَادُ مِنَ الإِفْتار أَحتمل.

  اعلم أنّه إنما كان النصب مع الفصل؛ لأنّهم يستقبحون الفصل بين المضاف والمضاف إليه؛ إذ كانا عندهم بمنزلة كلمة واحدة، وإنما جاز ذلك⁣(⁣٢) في الظرف وحرف الجر في ضرورة⁣(⁣٣) الشعر خاصة لِتَوَسُعِهِمْ به في الكلام؛ ولأن الكلام لابد أن يكون في زمان ومكان، فتنزل الظرف منزلة ما يُحتاج إليه، وذلك في


(١) (ما): ليس في (مل).

١٧٨ - البيت من البسيط.

وهو في ديوانه: ٣٠، وجمهرة أشعار العرب للقرشي: ١٥٣، وسيبويه: ١/ ٢٩٥، والمقتضب: ٣/ ٦٠، والمرتجل: ٣١٨، والتبصرة: ١/ ٣٢٣، والإنصاف: ١/ ٣٠٥، وشرح الكافية الشافية: ٤/ ١٧١٠، وابن يعيش: ٤/ ١٣١، والخزانة: ٣/ ١٢٢، والمقاصد: ٤/ ٤٩٤. وصدره في ابن يعيش: ٤/ ١٢٩، والهمع: ١/ ٢٥٥.

(٢) (ذلك): ساقطة من (ع).

(٣) (ضرورة): ساقطة من (ع).