مسائل من هذا الباب
  مسألة: إن قال قائل: إذا كانت (كَمْ) بمنزلة عدد فيه نون فكيف جاز أن يفصل بين (كم) وبين ما بعدها فتقول: كَمْ عِنْدَكَ رَجُلاً، ولا يجوز الفصل بين العدد وبين ما بعده فلا يقال: عشرونَ عِنْدَكَ رَجُلاً، والشيء إذا تنزل منزلة غيره لا يزيد على حاله. قيل له: لَمّا كانت (كَمْ) اسما عُدِلَ بها عن التَّمَكُن(١) عُوضَتِ الفصل؛ ليكون عِوَضًا لها من التَّمكّن(١) (٢)، وليس كذلك العدد؛ لأنّ اسم العدد مُتَمَكِّنٌ، وقد فصل في الشعر بينهما، نحو قول (جرير):
  ١٨٢ - في خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ جُمادَى لَيْلَةٌ ... لا أستطيع على الفراش رقادي
  وقد قيل: إن (كم) لما كثر استعماله(٣) في الكلام في كل ما يُستفهم به جاز الفصل.
  مسألة: تقول: ببِكَم الثَّوْبَانِ المَصْبوغانِ؟ وَبِكُمْ ثَوْبَانِ/مَصْبوغانِ؟ وَبِكُمْ الثَّوْبَانِ مَصْبوغان، ومَصْبوغَيْنِ؟ فَمَنْ عرف (الثّوبين) و (المصبوغين) رفع، ويكون (الثوبان) مبتدأ، (والمصبوغان) صفة لهما(٤)، و (بكم) هو الخبر، وفي الباء ضمير يرجع إلى المبتدأ، والسؤال عن ثوبين معهودينِ كَمْ ثَمَنْهَا؟ وَمَنْ نَكَّرَ الجميع رفع أيضا على ما ذكرنا إلا أن السؤال عن ثوبين غير مَعْلُومَيْنِ. وَأَمَّا مَنْ عرف الثياب ونَكَّرَ الصفة فإنّه أجاز النصب والرفع. فالنصب على الحال، والرفع على أن يكون المصبوغان خبرًا للثوبين؛ لأن المعرفة لا توصف بالنكرة.
(١) في الأصل: (المتمكن) وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) في (ع): (عوضت الفصل من التمكن ...).
١٨٢ - البيت من الكامل.
وهو في ديوانه: ٩٧ برواية: لي خمس عشرة من جمادى ليلة ما أستطيع ... وبرواية المؤلف في المقتضب: ٣/ ٥٦، والمساعد: ٢/ ١٠٨.
(٣) في (ع): (استعمالها).
(٤) في (ع): (صفتهما).