البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب معرفة ما ينصرف ومالا ينصرف

صفحة 496 - الجزء 1

باب معرفة ما ينصرف ومالا ينصرف

  قال: «اعلم أن حكم جميع الأسماء في الأصل أن تكون منصرفة. ومعنى الصرف ما تقدم ذكره، إلا أن ضرباً منها شابه الفعل من وجهين فمنع مالا يدخل الفعل من التنوين والجر. والأسباب التي إذا اجتمع في اسم واحد سببان منها منعاه الصرف تسعة، وهي: وزن الفعل الذي يغلب عليه أو يَخُصُّهُ، والتعريف، والتأنيث لغير فرق والألف والنون المضارعتان لألفي التأنيث، والوصف، والعدل والجمع والعُجمَةُ، وأن يُجعَلَ اسمان اسماً لشيء واحد».

  اعلم أن أصل الأسماء أن تكون مصروفة كما ذكر، وليس لقائل أن يقول: لم صُرِفَتِ الأسماء؟ لأن الأصل في الأسماء الصرف لما بينا من استحقاق الإعراب للأسماء ولحوق التنوين لها بعد الإعراب، والشيء إذا خرج على أصله لا يقال فيه لم؟ وإنّما يُسْأَلُ عَمّا لا ينصرف من الأسماء لم امتنع منه الصرف؟

  فالقول في ذلك أن كل اسم لا ينصرف أشبه الفعل من وجهين فَمُنِعَ ما يُمْنَعُ⁣(⁣١) من الفعل، وهو الجر والتنوين، فيكون في الرفع مضموما، وفي النصب / مفتوحاً، وفي موضع الجرّ يحمل على النصب فَيُفْتَحُ أيضًا. وقد مضى لِمَ مُنعَ الفعل من الجر والتنوين؟ وإنّما كانت هذه التّسعة الأسباب إذا اجتمع منها سببان في اسم لم ينصرف؛ لأن الفعل فَرْعٌ على الاسم، وهذه التسعة الأسباب فروع، فإذا صار في الاسم سببان منها صار فيه فرعان فَيُشابِه الفعل الذي هو فَرْعٌ من وجهين. والذي يُوضح ذلك أن الفعل فرع على الاسم؛ لأن الاسم في الرتبة أول، ثُمَّ الفعل بعده، فصار فَرْعًا عليه. والتأنيث فَرْع على التذكير، والصفة


(١) في (ع): (فمنع ما منع الفعل).